[18]
سيدي أبو الحجاج الأقصري([1])
(...- 642)
الشيخ العارف الزاهد أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحيم بن عَزي بن إسماعيل بن عبد النصير بن محمد بن هاشم بن أحمد بن محمد بن محمد عز العرب بن صالح بن حسين بن جعفر بن محمد بن حسين بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين الأقصري القرشي الشاذلي الصوفي رضى الله عنه. هكذا أملاني نسبَه الشريف محبُّنا في الله أبو عبد الله الشريف سيدي السيد محمد عبد الحميد القِمني العروسي الشاذلي الفتحي، فإنه من ذريته من أعقاب سيدي عبد الحميد القمني العروسي الكبير دفين قِمَن([2]) العَروس رضى الله عنه، وقد أطلعني على هذا النسب الشريف بخطِّ عمِّه السيد حسين المكي رحمه الله، وهو السيد محمد بن السيد محمد بن السيد عبد الحميد بن السيد مرزوق بن السيد خميس بن السيد بديوي بن السيد سليمان بن السيد سليمان بن السيد طه بن السيد خليفة بن السيد سليمان بن السيد جاد بن السيد خليفة بن السيد عيساوي بن السيد حسين بن السيد جاد بن السيد محمد بن السيد إبراهيم بن السيد طه بن السيد أحمد بن السيد محمود بن السيد عبد الخالق بن السيد أحمد بن السيد حسن بن السيد يوسف بن السيد بدر الدين بن السيد عبد البر بن السيد الكبير عبد الحميد بن السيد أبي الحجاج الأقصري رضي الله عنهم أجمعين.
كان سيدي أبو الحجاج رضى الله عنه شيخَ الزمان، وواحدَ الأوان، صاحب المعارف المأثورة، والمكاشفات المعروفة المذكورة، والمعارف الربانية، واللطائف السندسية، والأنوار التي تُصيِّرُ الليلَ في حكم النهار، والتَّجلّيات التي يكاد سنا برقها يخطَفُ الأبصار.
أحدُ الشيوخ الذي انتفع الناسُ ببركاته، وصالح دعواته، ودخلوا في خلواته، وعلتْ بركاتُه على ما سواها، وغمرتِ الخلائق وعمَّت، وتقدّمت كراماتُ الصوفية إليه فتقدَّمها كراماتُهُ وأَمَّت.
كان رضى الله عنه مشارفًا للديوان، ثم تجرَّدَ وصحبَ الأستاذ عبد الرازق دفين الإسكندرية، ومن أَجلِّ أصحاب سيدي أبي مدين المغربي، وله كلامٌ عالٍ في طريق القوم، ومناقبُه وكراماته مشهودة، فمن كراماتِهِ رضى الله عنه ما حكاه أبو زكريا قال: دخلتُ على الأستاذ فوجدتُه يتكلَّمُ، وما عنده أحد، فسألتُهُ عن ذلك. فقال لي: إنَّ أحدَ الجنِّ المؤمنين كان عندي.
ومنها: أن شخصًا أنكر عليه، وكان من الأمراء المشهورين، فقال له: تنكرُ على الفقراء، وأنت رقَّاصٌ عند فلان. فما مات ذلك الرجل حتى صار رقَّاصًا؛ لسوء أدبه واعتقاده.
وكان قدّس الله سره يقول: من رأيتموه يطلب الطريقَ فدلُّوه علينا، فإن كان صادقًا فعلينا وصولُه، وإن كان غافلًا طردناه وأبعدناه؛ لئلا يتلف علينا المُريدين، فإنه ما يصلُ إلى المحبوب من هو بغيره محجوب.
وله كراماتٌ غيرُ ما ذكر، وقد صنف فيها بعضهم ما يشفي الغليلَ ويُبرئ العليل.
توفي رحمه الله ونفع به في شهر رجب سنة 642، وقبره بالأقصر([3]) يُزار، تُحطُّ عن زائريه الأوزار، وتشدُّ إليه الرحال من عموم الأقطار.
وخلّفَ رحمه الله تلامذةً أخيارًا، منهم أولاده حسًّا ومعنىً:
سيدي نجم الدين أحمد كان رحمه الله من المشهورين بالكرامات والمُكاشفات، وهو الذي بني الضَّريحَ الذي على أبيه، توفي رضى الله عنه سنة 685.
ودفن مع والده سيدي عبد الحميد الأقصري دفين قِمَن العروس. كان رضى الله عنه من المشايخ الواصلين، وكانت دابَّتهُ التي يركبها تُقبِّلُ يديه صباحًا ومساء، وكان إذا جلسَ عند شاطئ البحر تجتمع عليه دوابُّ البحر، والتماسيحُ يحومون حوله ويتبرَّكون به، وكان إذا غلب عليه الحالُ تكلَّم بكلِّ لسان، وله مُكاشفات وكرامات، توفي رضى الله عنه بقِمَن العروس ودفن بمسجده، وله مقامٌ يُزار، وكانت وفاته أواخر القرن السابع.
([1]) يوسف بن عبد الرحيم بن عربي القرشي المهدوي الأقصري، أبو الحجاج. من كبار الصوفية في عصره. نزل بالأقصر (بصعيد مصر) وقبره فيها معروف إلى الآن. وينسب إليه نظم الحسن في البعد عن مخالفي سنن السلف. قال الأدفون: لكن جهال أتباعه أطنبوا في أمره، وظنوا أن ذلك من بره، فجعلوا له معراجًا، وادعوا أنه في ليلة النصف من شعبان، عرج به إلى السماء، واتخذوا في الصعيد في كل سنة كالعيد، تأتي إليه الخلائق من العوالي، ويحضره أصحاب الشنوف والشبابات والدفوف، والشيخ بعيد عن هذا كله، وله من المناقب ما يكفيه. توفي سنة 642هـ. [«الأعلام» (8/238)].