الأستاذ العارف مولانا نور الدين أبو الحسن مولانا علي بن العربي بن علي العربي السقاط الفاسي المغربي الشاذلي.
ولد رضى الله عنه بفاس، وقرأ على والده، وحضر دروس مولانا عبد السلام البناني رضى الله عنه، وورد إلى مصر حاجًّا، فحضر في الأزهر دروس مشايخ العصر، ثم سافر إلى مكة والمدينة، وعاد إلى بلاده، وقدم مصر ثانية، واستقر به المقام، ولازم مشايخ الوقت الأعلام، واجتمع بالشيخ التطاوني، وأجازه بجامع السلطان الغوري، واجتمع بالسيد مرتضى الزبيدي([1])، وأخذ عنه علم التحقيق، ومال رضى الله عنه في نهايته إلى العزلة والانجماع، فانعزل عن الناس، وكان رحمه الله حسنًا وقورًا، متواضعًا زاهدًا، مستأنسًا.
توفي رحمه الله سنة ثلاث وثمانين ومئة وألف، أواخر جمادى الأولى، ودفن في المسجد الذي كان يعتكف فيه بالفحامين، مما يلي حارة الجودرية الكبيرة، وله مقام عظيم يزار تتساقط عليه الأنوار، وتنشرح عنده صدور الزوار، وقد زرته، فانشرح خاطري، وكان في الزمن السالف يعمل له مولد عظيم، وكان الذي يحيي لياليه بالذكر والحضرات سيدنا ووالدنا عليه رحمة الله سيدي أبو عبد الله الحاج محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، كان رحمه الله في ليالي المولد يعمل الحضرة كل ليلة مدة ليالي المولد على طريقة السادة العيساوية والحندوشية رحمه الله وأسكنه بمنه أعالي فراديس الجنان([2]).
ومدفون في هذا المسجد تجاه مولاي العربي في الضريح المقابل له سيدي عبد السلام البناني الفاسي، وابنه مولاي أحمد المتوفى عام أربعة ومئتين وألف رضي الله عنهما.
ولما توفي مولانا أحمد المحروقي الشاذلي رضى الله عنه دفن معهما في ضريح واحد، وإلى الداخل مقام الوليِّ العارف الأستاذ مرشد، وهذا المسجد عليه أنوار وتجليات. اللهم انفعنا بساكنيه، وأمدنا بإمداداتهم. آمين.
([1]) محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرازق الحسيني الزبيدي، أبو الفيض، الملقب بمرتضى، علامة باللغة والحديث والرجال والأنساب، من كبار المصنفين. أصله من واسط، ومولد في الهند سنة 1145هـ في «بلجرام» ومنشأه في زبيد. من كتبه: «ألفية السند» و«مختصر العين» و«تاج العروس في شرح القاموس» وغير ذلك [«الأعلام» (7/70)].