[67]
سيدي محمد الشنواني([1])
قطب الطريقة الشاذلية الشنوانية، وأصل مددها، قطب الدائرتين، وشيخ الفريقين، العالم الرباني، والقطب الغوث الصمداني، شريف النسبتين، طاهر السلالتين، أحد من أقامه الله رحمةً للعباد، وصرفه في ملكه بما أراد، نشر الطريقة العلية، وبث روحها في أُمَّة خير البرية، من افتخرت به الأزمان، ونزلت بساحته سكان مصر والشام والعراق والصعيد، بل وأقصى خراسان، سيدنا ومولانا الشريف الحسيب النسيب أبو عبد الله سيدي محمد عبد الرحمن الشنواني المنفلوطي الشاذلي الفاسي رضي الله عنه وأرضاه.
وهو أحد من أحببتهم حين سماعي بذكره، وتعلق قلبي برعد محبته، وقد شاهدت -والمنة لله- سره، إذ أتاني بعض الأحباب، ولم يكن يسمع به أو يعرفه من قبل، وذلك حال طبع هذه «الطبقات»، وكان من عادة هذا الأخ الصالح التردد إلى زيارتي متى سنحت له الفرص، فجزاه الله عني خيرًا، لقد زارني قبل ذلك بيومين، وعاودني والبشرى ترى في وجهه، والسرور يبدو عليه، فأخبرني مبتسمًا، وقال لي: ذهبت إلى صلاة العصر في مسجد الظاهر بيبرس، وبعد أن صليت جلست لأستريح، فأخذتني سِنَةٌ من النوم، فما شعرت إلا والمسجد امتلأ بالقوم من الأولياء والصلحاء، يقدمهم شيخ جليل، وعليه مهابة وتبجيل، فقلت: من هؤلاء القوم؟ ومن ذا الذي يتقدمهم؟ فقيل: هؤلاء بعض الأولياء المذكورين في «طبقات الشاذلية». قلت: ومن هذا الإمام؟ قيل: هو الشيخ الشنواني الهمام. ثم صحوت من النوم، وقلبي يطفح بالسرور، وجئت لأبشرك بما رأيت، ففرحت كثيرًا بهذه الرؤيا العظيمة، والمنقبة الجسيمة، وأيقنت بأن هذا من علامات القبول، ومن مدد مولانا الرسول، وعطف ذلك الشيخ الجليل على محبه العبد الذليل.
وكان قبل ذلك قد أكرمني الله ببشارة من رسول الله، نفحتني بملاقاة تلميذه العارف الرباني، والفرد الهيكل الصمداني، مربي المريدين بالهمة والحال، وجامع شتاتهم، وموصلهم إلى مقامات الرجال سيدي ومولاي الدال على الله، الذاكر الأواه، شيخ الطريق، وعمدة أهل التحقيق سيدي الشيخ عمران بن أحمد عمران الشاذلي الفاسي شيخ الطريقة الشاذلية العمرانية، وناشر لوائها في الأقطار الصعيدية والمصرية، فحدثني عن شيخه المذكور، وأطلعني على نقطة من بحر مدده المنثور، فجزاه الله أحسن جزائه، حققنا الله بالسلوك على طريقهم بجاه سيدنا ومولانا محمد ممدهم. آمين يا رب العالمين.