وهو إرجاعك أمرك إلى الله تعالى وهو مقام فمنهم من يكون توكله على الله ليكفيه الله كما قال الله: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) وهذه مرتبة العوام في التوكل ومنهم من يتوكل ليفعل الله به ما يريده فهو متكل لا لغرض بل عبودية وهذا مرتبة السالكين ومنهم من يتوكل عليه تصحيحاً لإيمانه لقوله: (فعليه توكلوا أن كنتم مسلمين) ومنهم من يكون توكله صرف نظره من الأكوان إلى نظره إلى صنع الرحمن ومنهم من يكون توكله إرجاع عمله إلى الحق فإذا عمل عملاً صالحاً رآه فعل الله لأنه ما فعله إلا بقدرة الله فلا يدعى إن ذاك عملاً ولا جزأ ومنهم من يكون توكله إرجاعه أمر الوجود بأسره إلى الله فيكل أمر الثقلين إليه فلا يشهد في العالم متصرفاً سوى الله ويستصحب هذا العلم في كل خطرة ونظره وكلمة وحالة ومنهم من يكون توكله إرجاع أمر صفاته إلى الله تعالى لأنه يتحقق أن اللطيفة السامعة إنما تسمع بالله واللطيفة الباصرة أنما تبصر بالله واللطيفة العالمة إنما تعلم وتدرك بالله تعالى فتحقق له من هذا أن سمعه منسوب إلى الله وبصره وكذلك باقي صفاته النفسية من الحياة والقدرة والإرادة فيحيل أمر هذه الصفات إلى من هى له حقيقة ويرجع عن دعوى التصرف بها فيكل الأمر فيها إلى صاحبه فتتكون حياته وعلمه وقدرته وأرادته وسمعه وبصره وكلامه منسوباً إلى الله تعالى ومنهم من يكون توكله من حيث التجليات الإلهية فلا يتعلق بتجلي مخصوص بل يصرف أمره إلى الله تعالى فيشهده مع الشؤون على اختلاف التجليات وهذا للعارفين.