تحدث فضيلة الأستاذ الجليل، الشيخ محمد متولي الشعرواي إلى الأستاذ (علي حسن علي) عن مجمل رأيه في التصوف، ملخصًا فيما يأتي:
من هو الصوفي؟
يقول الشيخ الشعراوي:«إن الصوفي هو الذي يتقرب إلى الله بفروض الله، ثم يزيدها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، من جنس ما فرض الله، وأن يكون عنده صفاء في استقبال أقضية العبادة، فيكون صافيًا لله، والصفاء: هو كونك تصافي الله فيصافيك الله».
تعدد الطرق:
«وكل إنسان وصل إلى الله بطريق من الطرق، أو صيغة من الصيغ، يعتقد أن الطريق الذي سلكه إلى الله هو أقصر الطرق، ولذلك اختلف الناس؛ لأن وسائل عبادة الله متعددة، فإذا دخل إنسان من باب وطريق وأحس أنه نقله وأوصله إلى الله، بادر إلى نقله لمن يحب».
ويضيف الشيخ الشعراوي: «ومن هنا، فإن معنى أن هناك طرقا صوفية هو أن أناسا وصلوا إلى الصفاء من الله سبحانه وتعالى، وجاءتهم الإشراقات والعلاقات التي تدل على ذلك في ذواتهم، فعلموا أن الطريق الذي سلكوا فيه إلى الله صحيح، وكلما زادوا في العبادة: زاد الله في العطاء».
من هم المريدون:
ويقول الشيخ:«كنا قد قلنا: إن السالك للطريق، يرى أن الطريق الذي سلكه هو الأفضل بالنسبة له، ويجب أن ينقله لأحبابه، وعندما يجد هؤلاء فيه أشياء لم يجدوها في سواه يلتفون حوله، وينفذون ما يقول لهم، من عبادات تقربهم من الحق جل وعلا، ثم بعد ذلك يصبحون مريدين، ما داموا قد أصبحوا أهلًا للقرب من الله.
المريد هو: من أراد الله، وعمل على رضاه.
التصوف رياضة روحية:
والتصوف من هذا المنطلق رياضة روحية؛ لأنها تلزم الإنسان بمنهج تعبدي لله، فوق ما فرضه.. وهذه خطوة نحو الود مع الله.
والله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي:«من أتاني يمشي أتيته هرولة»([1])ولم يقل سبحانه: جئته أمشي، ولو قالها لكان المشي بالنسبة له شيئًا كبيرًا فما بالك بهرولة منسوبة لله. ومن هنا يدخل الإنسان في مقام الود مع الله، ومعنى أن يوده الله أن يصافيه الرياضة والمقامات.
وهكذا يمن تعالى على هؤلاء المتصوفين ببعض العطاءات التي تثبت لهم أنهم على الطريق الصحيح، وكلما زاد العبد في عبادته: زاده الله في وده ولا نستطيع أن نقول: إن هذه الزيادات تصل إلى حد ما؛ لأن عطاء الله ليس له حدود».
تعريف العطاءات:
وعن تعريف العطاءات يقول الشيخ: «إنها هي التي ينخرق بها ناموس ما في الكون على قدر صفاء المؤمن تنخرق له النواميس التي تحكم الناس، بأن يطلعه الله على حكم بعض مجريات الأمور قبل أن تحدث، ويعطيه صفحة من صفحات الكون لأي إنسان، فينبئه به أو يبشره به، ليجذبه إلى جهته، أو أن يريد بعبد له خيرًا فيريه شيئًا من خرق نواميس الكون غير العادية، وأنا لي رياضة، ولو أنها خطوات بسيطة، وأصبح عندي مبدأ التصديق واردًا، لأنني عندما خطوت خطوة أكثر من الآخرين، رأيت، وهكذا».
فلا الصوفي يكذب الصوفي ولا يعارض، ولذلك فهم يأتلفون، ويحب بعضهم بعضا، ولكل منهم مقام ومكان.
وعندما يدخل الصوفي مقامات متعددة، وجئنا بمن لم يتريض ولم يدخل في مقامات الود وحدثناه بها فلا شك أنه يكذبها، ولكن تكذيبها دليل حلاوتها.
والمتصوف الحقيقي يعطيه الله أشياء لا تصدقها عقول الآخرين، ولذلك فعليه أن يفرح بذلك، ولا يغضب من تكذيب الآخرين له».
التمايل في الذكر:
وسألت جريدة «المجاهد» الصادرة عن القوات المسلحة فضيلة الإمام الشيخ «متولي الشعراوي» عن التمايل في الذكر وهو طبعًا غير الرقص الذي يعمله الجهلة فقال ما نصه:
«لا مانع في التمايل أثناء الذكر، إذا كان هذا التمايل نتيجة لغلبة الوجد عليه، أما إذا كان هذا التمايل مفتعلًا، فهذا لا يليق.
والذكر جائز على أي حال ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ...﴾[آل عمران: 190، 191].
لا ريب أن في الذكر راحة نفسية وهدوءًا للأعصاب.
وعلى كل حال، فالذاكرون وإن تمايلوا، فهم خير من الذين يتمايلون في حانات الرقص ونحوها». !
([1]) ومن نصوص الحديث ما رواه الإمام مسلم، والإمام أحمد وابن ماجه يقول الله تعالى: «مَنْ عَمِلَ حَسَنَةً فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ وَمَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَجَزَاؤُهَا مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ وَمَنْ عَمِلَ قُرَابَ الأَرْضِ خَطِيئَةً ثُمَّ لَقِيَنِي لاَ يُشْرِكُ بِى شَيْئًا جَعَلْتُ لَهُ مِثْلَهَا مَغْفِرَةً وَمَنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً».