(فصل) في (التعرف): وأجمعوا على أنه تعالى لا يرى في الدنيا بالأبصار ولا بالقلوب إلا من جهة الإيقان, أي الإيقان بوجوده تعالى, لأنه غاية الكرامة وأفضل النعم, ولا يجوز ذلك إلا في أفضل مكان, ولو أعطوا في الدنيا أفضل النعم لم يكن بين الدنيا الفانية والجنة الباقية فرق. ولما منع الله كليمه موسى -عليه السلام- ذلك في الدنيا كان من دونه أحرى.
قال: ولا نعلم أحدًا من مشايخ هذه الطريق, ولم نر في كتبهم, ولا في مصنفاتهم ولا في رسائلهم ولا في الحكايات الصحيحة عنهم ولا سمعنا ممن أدركنا منهم زعم أن الله يرى في الدنيا, أو رآه أحد من الخلق([1]), إلا طائفة غلاة لم يعرفوا بأعيانهم, بل زعم بعض الناس أن قوما من الصوفية ادعوها لأنفسهم, وقد أطبق المشايخ كلهم على تضليل من قال ذلك, وتكذيب من ادعاه, وصنفوا في ذلك كتبا, منهم أبو سعيد الخراز والجنيد: في تكذيب من ادعاه وتضليله, وقالوا: من ادعى ذلك لم يعرف الله تعالى وهذه كتبهم تشهد على ذلك.
زاد القونوي: وقد يكون الشيطان تراءى لمن ادعى ذلك, ودعاه لنفسه وربطه في الضلال.