أجلُّ أصحاب سيدي أحمد البدوي، كان رضى الله عنه من صدورِ المقرّبين، ومن أكابر العارفين، وقد أشرقت عليه أنوارُ شيخه، وسرى مددُه فيه كسريان الماء في العود الأخضر، فهابته الناسُ وأجلَّته العيون، وخافته الأُمراء، وعملوا له حسابًا، كان واعظًا مُرشدًا مسلكًا، تخرّجَ على يديه من السادات الأحمدية ما يَفتخرُ بهم الزمان.
ولد قدس الله سره ببلدة فيشا المنارة([1])، ولما دخل سيدي أحمد إلى مصر قبل دخوله على طندتا مرَّ على ناحية بلدهم، وكانت عينُه وارمة، فمرّ على سيدي عبد العال، وكان إذ ذاك صغيرًا يلعبُ مع الصبيان، فطلب سيدي أحمد منه بيضةً من بيض الدجاج، يجعلُها على عينه، فقال سيدي عبد العال لسيدي أحمد: وتعطيني هذه الجريدةَ الخضراء التي في يدك. قال له: نعم. وأعطاها له سيدي أحمد، فأخذها وانطلق إلى أُمِّه، وطلبَ منها بيضةً من بيض الدجاج، فقالت: ما عندنا من البيض شيءٌ. فرجعَ إلى الأستاذ، وقال له: طلبتُ من أمي البيضة فذكرت لي أن ما عندها شيء من البيض. فقال له سيدي أحمد: ارجعْ إلى الصومعة الفلانية تجدْها مملوءةً من البيض. فأخذتْ أمُّه منها واحدةً، وخرجت مع ولدها مع سيدي أحمد. ورأت ولدَها يتبعه، لا يستطيعُ أن يمنع نفسَه عن اتباعه، فقالت: يا بدويَّ الشؤم علينا. فقال لها سيدي أحمد قولي: يا بدويِّ الخيرِ، سيصيرُ لولدك هذا شأنٌ عظيم. فقالت: من أين عرفت ولدي؟ فقال لها: من يوم ما أخذه الثورُ وشرد به، ولم يستطع أحدٌ أن يأخذه من قرنه، فمدَّيتُ يدي فأخذته، ومن ذلك الوقت تبعه سيدي عبدُ العال، وكان من أمرِه كما ذكر سيدي أحمد رضى الله عنه([2]).
وكرامات سيدي عبد العال كثيرة منها: أن شخصًا راودَ امرأةً عن نفسها في قبته، فسمّره، ويَبَّسَ أعضاءه، فصاح حتى كاد أن يموت، فمضى الخبرُ إلى أحدِ الفقراء، فأتى ضريحَ سيدي عبد العال، وقرأ الفاتحة، وسأله الصفحَ، ودعا الله تعالى، فانتشرت أعضاؤه، وتاب وأناب، وصار من أصحابه.
وكراماته كثيرة مشهورة في بلاده، وبين الفقراء الأحمدية رضي الله تعالى عنه.
وكانت وفاته عام سنة 730، ودفن بجوار شيخه بالمقام الأحمدي، وقد زرتُه المرَّةَ بعد المرة، وشاهدتُ من كراماته وإمداداته ما قادني إليه، اللهم انفع به المسلمين. آمين.