[25]
سيدي ياقوت العرشي([1])
(627- 707)
أبو الدُّرّ بن عبد الله الحبشي كان شيخًا صالحًا، ذا هيبةٍ ووقار، إمامًا في المعارف عابدًا زاهدًا، وهو من أجل من أخذ عن الشيخ أبي العباس المُرسي رضى الله عنه.
وأخبر به سيدي أبو العباس رضى الله عنه يوم ولدَ ببلاد الحبشة، وصنعَ له عصيدةً([2]) أيام الصيف في الإسكندرية، فقيل: إن العصيدةَ لا تكون إلا في أيام الشتاء. فقال: هذه عصيدةُ أخيكم ياقوت، ولد ببلاد الحبشة، سوف يأتيكم. فكان الأمر كما قال.
وهو الذي شفع في الشيخ شمس الدين بن اللبان، لما أنكرَ على سيدي أحمد البدوي رضى الله عنه وسلبَ علمَه وحاله، بعد أن تَوسَّلَ بجميع الأولياء.
وسُمِّي العرشي لأنَّ قلبَه كان لم يزل تحت العرش، وما في الأرض إلا جسده، وقيل لأنَّه كان يسمعُ أذانَ حملة العرش.
وكان رضى الله عنه يشفعُ حتَّى في الحيوانات، وجاءته مرةً يمامةٌ([3])، فجلست على كتفه وهو جالس في حلقة الفقراء، وأسرَّتُ إليه شيئًا في أُذنه، فقال: بسم الله، ونرسل معك أحدًا من الفقراء. فقالت: ما يكفيني إلا أنت. فركب بغلةً من الإسكندرية، وسافر إلى مصر العتيقة، ودخل إلى جامع عمرو، فقال: اجمعوني على فلان المؤذن، فأرسلوا وراءه، فجاء، فقال: هذه اليمامة أخبرتني بالإسكندرية أنَّك تذبح فراخها كلَّما تُفرّخ في المنارة. فقال: صدقت، قد ذبحتُهم مرارًا. فقال: لا تعدْ. فقال: تبتُ إلى الله تعالى ورجع الأستاذ إلى الإسكندرية، رضي الله تعالى عنه.
ومناقبه رضى الله عنه كثيرة مشهورة بين الطائفة الشاذلية بمصر وغيرها.
توفي رضى الله عنه بالإسكندرية ثامن عشر جمادى الآخرة سنة سبع مئة وسبع عن ثمانين عامًا، ومقامه بالإسكندرية رحمه الله كعبةُ الزُّوار، تقصده الناس كبيرُهم وصغيرهم للزيارة والتبرُّك، نفعنا الله به.