[56]
سيدي أحمد التيجاني([1])
(...- 1230)
القطب الرباني سيدنا ومولانا، قطب دائرة التصريف، مولاي سيدي أحمد التيجاني المغربي قدس الله سره.
ولد بعين ماضي، ونشأ بها، وورد مدينة فاس، وتلقى العلم عن مشايخها، وسلك الطريق، ووصل إلى درجة الاجتهاد، فأخذ عن المشايخ، وساح في طلب الشيخ سياحات طويلة، حتى وصل تلمسان، فالمدينة، والتقى بالقطب سيدي محمد السمان، وأجازه بأحزاب الشاذلي، وورد مكة، والتقى فيها الشيخ الهندي، وورث سره، وقصد مصر لمقابلة سيدي محمود الكردي بإشارة وقعت له، وأخذ عنه، ودعا له، وعاد إلى المغرب، ونشر طريقته هناك، ونسبت إلى ذاته، واجتمع بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه مباشرة، واتسعت دائرته، وزاد مدده، وطار ذكره، ويكفينا في مناقبه ما هو مسطر في كتب تلامذته.
وله رسائل مباركةٌ، وأحزاب، وصلوات، وحقائق، وأنفاس صادقة، وخوارق، وأحوال.
وكان قدس الله سره يقول: كل الطرائق تدخل تحت دائرة الشاذلي، ما عدا طريقتي؛ فإنها مستقلة، وهذا من تمام اجتهاده رضى الله عنه، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى أعطاه مقام الشاذلي، وصرفه في الكون بأمره، وأقامه رحمة لعباده، وقوله هذا من باب التحدُّث بالنعم.
وقد ثبت أيضًا كما في «جواهر المعاني» أنه قال لتلميذه سيدي أحمد بن حرازم بحضرة الرجال: يا ابن حرازم، أُمرتُ أن أقول الآن: قدمي هذه على رقبة كل ولي لله، وكل ولي لله من خلق آدم إلى يوم القيامة. وهذه المقالة قد تكلم بها كثير من السادات، وإن أردت الوقوف على سرها فعليك بما قاله شيخنا أبو المواهب سيدنا فتحُ الله البناني قدس الله سره العالي، فقد أماط([2]) اللثام عن أسرار هذا الكلام، فراجعه تفز إن شاء الله.
وكانت وفاة سيدي أحمد سنة ألف ومئتين وثلاث وثلاثين، بحضرة فاس، ودفن في مسجده بحومة البليدة، ومقامه بالمغرب كعبة القاصدين، اللهم انفعنا وإخواننا ببركاته، وأمدنا بمدده. آمين.