[69]
سيدي أحمد بن مصطفى العلاوي([1])
القطب الغوث، صاحب الدائرة والتصريف، والغنية شهرته عن التعريف، مولانا السيد أحمد بن مصطفى العلاوي، المستغانمي الشاذلي الدرقاوي، تلميذ سيدي ومولاي محمد بن الحبيب البوزيدي الدرقاوي، أستاذ سيدي أحمد ابن عجيبة الحسني، وسيدي عبد القادر الكوهن.
كان سيدي محمد البوزيدي من أكابر أولياء الله تعالى، وكان أُمِّيًّا، لا يكتب ولا يقرأ، ومع ذلك أعطاه الله تعالى ما لا يخطر بالبال، من العلوم والأسرار التي أبداها بحضرة الرجال، ولو لم يكن من تلاميذه إلا سيدي ابن عجيبة الحسني لكفى، مع أنه تخرج من تلاميذه جملةٌ أفاضل، من أهل الله، لا يحصر لهم عدد، كلهم على قدم المعرفة، وفي غاية التمكين.
وله كلام عال على لسان أهل الحقيقة، ومؤلفات حل فيها مشكلات هذه الطريقة، ومن يطالع كتابه «الآداب المرضية في طريقة الصوفية» يحكم بأنه واحد الزمان، وشيخ أهل العرفان.
ومن كلامه أمدنا الله بإمداداته نظمًا على لسان أهل المغرب قوله في قصيدة له:
أيا حضرة الإطلاق هيجت مهجتي |
* | ويا روضة العشاق فيضت صبابتي |
ملكتني في الآفاق وردت بزردتي |
* | رفعت عني الرواق تعظيمًا لسطوتي([2]) |
غرست غصن الهوى في قلبي ومهجتي |
* | وعندي منها نشوى كانت قبل نشأتي |
سقتني من المعنى كؤوسا صفية |
* | فإذا قلت أنا أنا ولا فخرتي |
كل فقيه عليم بالفرض والسنة |
* | وأنا علمي عظيم ما له نهاية |
كل عابد يهوى طالب الآخرة |
* | وأنا كل السوى طويت بهمتي |
كم من جاهل أتى ودخل طريقتي |
* | صار من أهل المعنى ملوك الحقيقة |
أنا ساقي الشراب والخمرة خمرتي |
* | أنا رافع الحجاب والحضرة حضرتي |
أنا عين التحقيق يا من تطلب رؤيتي |
* | أنا منهج الطريق والكون في قبضتي |
الكون كسراب كما جاء في الآية |
* | هباء في هواء عند أهل الحقيقة |
اخلع نعليك وافن إن شئت ملاقاتي |
* | إن أردت تعرفنا أنا عينُ الحياة |
من بحار الجبروت قد ظهرت نقطتي |
* | تلونت بالناسوت وسرِّ الملكوت |
مريدي لك البشرى احفظ لي وصيتي |
* | تأدب مع الفقر لتسقى من خمرتي |
مريدي يقل الله وحده في الكثرة |
* | لا ترى ما سوى الله في كل كائنة |
مريدي يكن حفيظ حدود الشريعة |
* | تمسك بها تفيد كمال العناية |
هذا اسمي يا لبيب قيد العبودية |
* | محمد بن الحبيب البوزيدي نسبتي |
وجدي رسول الله مقصودي وبغيتي |
* | عليه صلاة الله صاحب المعجزة |
قد تمت بحمد الله على كل حالة |
* | لا إله إلا الله أفضل الكلمة |
وله أيضًا رضى الله عنه:
قل للذي لامني |
* | في هوى عنفني |
حيث لم يعرف قدري |
* | لذاك هو المعذور |
فإذا السرُّ بدا |
* | من الغيب للشهادة |
احترق مني الفؤاد |
* | وامتحق جبل الطور |
جلسنا على حضرة |
* | مع رجال الخمرة |
من عجائب القدرة |
* | كاسها عنا يدور |
أنا عين التحقيق |
* | أنا مظهر الطريق |
اشرب خمرتي تفيق |
* | والسر منك يفور |
ثم صلاة الله |
* | على حبيب الله |
هو نور الإله |
* | هو مصباح الظهور |
فليتأمل المحب لأهل الله هذا الكلام، جعلنا الله على أثرهم، وأماتنا بحبهم، بجاه المصطفى صلى الله عليه وسلم جدِّهم.
ومقام سيدنا ومولانا البوزيدي في مستغانم من بلاد وهران محط رجاء الطالبين، وقد عمل تلميذه سيدي العلاوي مقامًا ثم بالزاوية العلاوية يزار، وتقصده سكان المغرب الأقصى يستسقون عنده الغيث، فيسقون ببركته.
ويكفي من تلميذه سيدنا العلاوي ما هو مشاهد، وقد شهد له شيخه بأنه هو القطب الغوث، وصاحب الزمان، وكانت المؤذنون تؤذّن على المنارات بذلك أيام ظهور دعوته، حتى خضعت له الرقاب، وأتته الناس من كل واد من أهل الفضل والصلاح، مستمطرين من فيض فضله. ومن نظمه في ديوانه المشهور:
مريدًا بادر |
* | بقلب حاضر |
لسان ذاكر |
* | بقولك الله |
جاهد تشاهد |
* | كل الفوائد |
سر الأماجد |
* | في ذكرك الله |
روح يا حادي |
* | بذكر أسيادي |
جذبوا فؤادي |
* | لحضرة الله |
شوش لي بالي |
* | حبُّ الموالي |
أهل الكمال |
* | عرفوني الله |
إنني عارف |
* | بذي اللطائف |
أيُّها الخائف |
* | ادنُ تَر الله |
من لا يرضانا |
* | محروم هوانا |
هو في عنا |
* | حتى يلقى الله |
إن شئت تدري |
* | تعرج وتسري |
خذ عني سري |
* | به تلقى الله |
صرح يا راوي |
* | باسم العلاوي |
بعد الدرقاوي |
* | خلفه الله |
قلبي يا قلبي |
* | افهم عن ربي |
احفظ لي حبي |
* | هو هو الله |
قلبي لا تغفل |
* | عظم وبجل |
إياك تعجل |
* | تفشي سر الله |
كتم الحقائق |
* | حفظ الوثائق |
حسن العلائق |
* | بحضرة الله |
صل وجدد |
* | ولا تقيد |
على الممجد |
* | هو رسول الله |
اللهم انفعنا بمحبة أوليائك، وأمدنا وإخواننا بمددهم. آمين.
وقال رضى الله عنه هذه القصيدة على أثر شهادة أستاذه له بأنه القطب الكامل وإنسانُ عين ذوي الفضائل وهي قوله:
بشرني بدر البدور |
* | مُحِبُّنا في سرور |
بالنصر مع الظهور |
* | محفوفًا بلطف الله |
والله لقد قال |
* | نصرناك في الملا |
بأفصح المقال |
* | أنت في أمان الله |
بشرني روح الأستاذ |
* | البوزيدي عين المدد |
إذ قال لي باجتهاد |
* | بعد أن أقسم بالله |
محبُّكم في أمان |
* | مُريدكم في ضمان |
أنتم عيون الرّحمن |
* | بيديكم سرّ الله |
بيديكم المنشور |
* | لكم ترفع الستور |
أنتم أرباب الحضور |
* | أنتم أولياء الله |
في السرِّ وفي الجهر |
* | خاطبتْ أهل السير |
فمن كان في عصري |
* | يأتنا يجد معناه |
نصحت كلَّ العباد |
* | خصوصًا أهل البلاد |
فمن كان في اجتهاد |
* | طالبًا يريد الله |
يأتينا ولو بالتجريب |
* | فله منَّا نصيب |
هذا مَسلك قريب |
* | أتانا من فضل الله |
ننصح له في الطريق |
* | يأخذني فيها رفيق |
نُريه معنى التحقيق |
* | خالصًا لوجه الله |
يوافقني في أيام |
* | لا نطلب منه أعوام |
فإن حصل المرام |
* | يكون عبدًا لله |
عندي للخلق الدوا |
* | عندي لمحو السِّوا |
لا نرجو به سوا |
* | غنى بفضل الله |