بركات سورة «يس» أمرٌ محققٌ للأحياءِ والأمواتِ والمحتضرين
من أحد تلاميذي الأحبة في الله، جاءني استفتاء مفصلٌ، عن حكم ما تَعَوَّدَهُ بعضُ الصَّالحينَ من قراءة (عدية يس)، توسلًا إلى الله تعالى في قضاء بعض الحاجات، أو تفريج بعض الكُروب، وقد نَقَلَ إليَّ اعتراضَ بعضهم على هذا العمل، فتذكرتُ أنَّه منذ سنوات، وأنا في رحلة محمديَّة روحية توجَّه إلي بعضُهُم بمثل هذا الاستفتاء، فأجبتُهُ كتابةً بالآتي، وأستغفر الله وأتوبُ إليه:
أولاً: مسألة العدد والتكرار:
1- يجب أن يكون معلومًا، أنَّه من المقررات العلمية والشَّرعية، أنَّه ليس كُلُّ ما لم يرد به نَصٌّ صريحٌ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يكون حرامًا أبدًا، وبخاصة إذا كان ينضوي تحت حكم شرعيٍّ أصولي عام، وما وسع غيرنا من أهل العلم في مثل هذا المقام يسعنا من باب أولى، بعد إسقاط لجاجات أهل الاستغلاق والاستغراق.
وقد حَبَّذَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في عشرات الأحاديث الثابتة في الصِّحاح تكرار الذكر بعدد وبغير عدد، سواءً أكان الذكر تهليلًا أم تسبيحًا، أم استغفارًا، أم تحميدًا، أم تمجيدًا، أم غير ذلك، مما صَحَّ نقله وثبت أصله.
ومن ذلك: حديث استحباب الدعاء ثلاثًا، وختام الصَّلاة بثلاث وثلاثين تسبيحة وتحميدة وتكبيرة، أو ختامها بعشرة أو أحد عشرة من هذا الذكر.
ومنها: حديث الاستغفار بسبعين أو بمائة، والتهليل بعد المغرب والفجر عشر مرات، مع الاستجارة سبع مرات، وأحاديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صلاة صَلَّى الله عليه بها عشرًا، ومَنْ صَلَّى عَلَيَّ عشرًا صَلَّى الله عليه بها مائة»([1]) ... إلخ.
ومنها: حديث «سبحان الله وبحمده» عند الترمذي والنسائي، ففيه أن: «مَنْ قَالَهَا مَرَّةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ قَالَهَا عَشْرًا كُتِبَتْ لَهُ مِائَةً، وَمَنْ قَالَهَا مِائَةً كُتِبَتْ لَهُ أَلْفًا، وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ»([2]). فقوله: « وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ» فيه ترغيب في الكثرة المطلقة بدون عدد، وهو توجيه القرآن في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا =٤١- وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب: 41، 42]، وقوله تعالى: ﴿وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 35].
2- وتلاوة القرآن ذكر أصيل، فيجري عليه ما يجري عليه ، وقد صح أن النبي ص قام بآية يكررها حتى أصبح ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ... ﴾ [المائدة: 118] الآية([3]) ، كما صَحَّ نحو ذلك عن بعض الصحابة، وصحَّ أنَّه ص قرأ في ركعتي الفجر بسورة الزلزلة، كررها في الركعة الأولى والثانية، وكذلك صَحَّ أنَّ أحد الصحابة كان يكرر قراءة سورة الإخلاص في كُلِّ ركعات الصَّلاة وغيرها، وللقارئ استئناس بحديث الترغيب في قراءة الإخلاص أحد عشر مرة عند زيارة القبور (على ما قيل فيه)، وبحديث التحبيب في ختم القرآن ثم بدايته (حديث الحال المرتحل).
فكُلُّ هذه الأدلة تعطينا الأصل العام الذي يدخل تحته جواز قراءة «يس» بعدد مخصوص، ما دام لا يعتقد القارئ أنَّ لزوم هذا العدد تشريع إلهي، وإنما هو تجربة ثابتة مباحة، ثُمَّ إنَّه ما دام لم يرد نهيٌ نصيٌّ عن التكرار، ففيه إشارة إلى استحبابه والندب إليه، أو على الأقل إباحته.
ولبعض كرام السَّلف والخلف تيمنٌ وفألٌ طيِّبٌ بعدد «سبعة» من حيث إنَّ السَّمَاوات، والأرض، وأيام الأسبوع، وآيات الفاتحة، والاستجارة، والمثاني، والسنابل، والطرائق، كلها سبعة، وتقصي هذا الباب يطول، وقد أثبتت التجربة فضل هذا العدد، وفرقٌ كبيرٌ بين التجربة، والتشريع، والابتداع؛ فالأصل عدم مصادمة النَّص، وهو هنا كذلك !! .
3- وقد نظر الشَّرع نظرةً نفسانيةً علميةً عميقةً في طلب تكرار الذكر، فهو فوق أنَّه اغتنام للأجر واسع، فيه تجديد استحضار المعنى ونمائه، ومحاولة استكشاف السِّر، واستلهام الغيب، والاندماج الرُّوحاني في التعبد، وحصول الرُّوح والأعضاء على نصيبها من الفيض والمدد.
4- وقد أسلفنا أنَّه يمكن الاستئناس في التزام العدد بالتجربة المكررة التي أثبتت -على مَرِّ الأجيال- فضل قراءة هذه السورة أو غيرها بعدد مخصوص، على أن الاجتهاد في اختيار العدد وتحديده أمر (قشري) في الجملة، أقل مراتبه الإباحة التي هي الأصل في الأشياء كما قلنا، فالوقوف معه بعد كل ذلك لجاجة وجدل تافه، وانغلاق أحمق وانزلاق أخرق.
5- ثُمَّ إنَّه إذا كان دعاء الله تعالى توسلًا بآياته مطلوبًا شرعًا، فالإلحاحُ في هذا الدعاء وتكراره وسؤال الله به مطلوبٌ شرعًا كذلك، فتكرار السُّورة من قبيل الإلحاح على الله في الدعاء أمرٌ مشروع ، ومشروعيته مستحبة ، وأيضًا تكرار قراءة السُّورة فيها معنى تحصيل أكبر قدر من الثواب ، ففي سنن الترمذي عن ابن مسعود ت قال: قال رسول الله ص : «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ، وَلاَمٌ حَرْفٌ، وَمِيمٌ حَرْفٌ»([4]).
قال الترمذي: «حسن صحيح غريب من هذا الوجه» .
فثبت من كُلِّ ذلك إذن أنَّ قراءة «يس» بعدد مخصوص أمرٌ مشروع، مما يشمله عموم هذه الأحكام على الأقل.
ثانيًا: مسألة النية:
1- يس سورةٌ من كلام الله تعالى، وقلنا: إنَّ قارءها إنَّمَا يتوسَّلُ بها إلى الله تعالى في جلب الخيرات أو دفع المضرات، والتوسُّلُ إلى الله بكلامه توسلٌ إليه تعالى بصفة من صفاته، وهو جائزٌ بل مطلوبٌ ومستحبٌ، لم يختلف على ذلك سلفٌ ولا خلفٌ، لا جمهورُ المسلمين، ولا الطائفةُ الشَّاذة منهم.
وبهذا التوجيه العلمي تعرف كيف أنَّ قراءة «يس» بنية من النيات أمرٌ مباحٌ إن لم يكن مندوبًا إليه، وعلى كُلٍّ فالأمر كُلُّه سائر مسار الدعاء، والدعاء واجب مع العمل، جمعا بين السبب الرُّوحي والسبب الفعلي.
2- وهناك وجه ثان، فقراءة «يس» عملٌ من الأعمال الصَّالحة، ما في ذلك شك، والتوسُّل إلى الله تعالى بالعمل الصالح سُنَّةٌ متفق عليها بين جميع طوائف الأمة في الماضي والحاضر، سواء الجمهور الموحد أو الفئة الشَّاذة، وقارئ «يس» إنَّمَا يتوسَّلُ إلى مولاه بقراءتها في قضاء حاجته، أي يتوسَّلُ إليه مَرَّة بعد مَرَّة، بعمل صالح مندوب إليه، وهو ما لا خلاف عليه.
وبهذا ينتهي الحكم في هذا الموضوع على الأساس العلمي الدِّيني الذي لا يعتريه باطل، وما ينسحب على «يس» ينسحب على غيرها من السُّوَر والآيات التي تسير مسارها. أما خصوصية سورة «يس» فلما ورد فيها من الترغيب والتحبيب الذي لم يأت في غيرها، كما سيأتي.
ثالثًا: أفضلية السورة:
وقد يقال: لماذا تخصص هذه السُّورة بهذا الفضل، والقرآنُ كُلُّه من عند الله؟.
ويجابُ على هذا من وجوه شَتَّى، نقتصر منها على الآتي، مع نصوص الأحاديث الصحيحة الصريحة التي سنوردها بعد، مما يؤكد هذا الفضل من وجهة النظر النقلية، أمَّا من الوجهة العقلية فاسمع:
أولًا: القرآنُ كُلُّهُ في منزلة من الفضل واحدة، غير أنَّ هذه المنزلة تتغير ألوانها ولا تتغير حقيقتها، كألوان الماء في أكواب الزجاج الملونة، فلكُلِّ سورة -بل لكُلِّ آية- فضل من نوع خاص، يتفق مع غيره في الموضوع والحقيقة، ويختلف مع هذا الغير في الشكل والوظيفة، فكما أنَّ لهذه السُّورة أو الآية فضلًا في شيء، نعرفه أو لا نعرفه، من طريق الشَّرع أو التجربة، كذلك يكون لغيرها من السور والآيات أفضالًا أخرى، نعرفها أو لا نعرفها، وهذه طريقة في الشمول والكمال لها رتبتها التي تتناسب مع الفضل الإلهي والإحاطة الربانية، ثُمَّ هي مما يحفظ على القرآن وجه التساوي في عموم الفضل، مع اختلاف أوجه خصوص الفضل في ذاته ووظيفته .
ومَثَلُ ذلك -ولله المَثَلُ الأعلى-: ما يقوم بعمله الصانع من الأدوات المختلفة من الحديد أو الخشب أو الخزف أو غيره، فهي تتساوى في الحقيقة الخشبية أو الحديدية أو الخزفية مَثَلًا، وتختلف في المظهر والشكل والخصائص، ومنه يعرف أنَّ التفضيل إنَّمَا هو من جهة المعنى لا من جهة الصفة، فلا شَكَّ مَثَلًا أنَّ معنى ﴿اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [البقرة: 255] فوق معنى ﴿وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ﴾ [يوسف: 32]، أو ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: 1]، والله أعلم.
ثانيًا: لا شَكَّ في أنَّ طبيعة الأشياء هي المفاضلة، فمنحة الفضل في جميع السُّور والآيات تقف عند حَدٍّ أدنى، يحفظ حقيقة الفضل في الجميع، ولكنَّها تزيد بمقادير مختلفة في بعض السُّوَر والآيات عن هذا الحَدِّ لأسباب يعلمها الله، وما دامت حقيقة الفضل موزعة في الجميع، فلا مانع في العقل من أن يزيد الفضل في بعض السُّوَر والآيات عن البعض الآخر لأسباب خاصَّة، فطبيعة الأشياء المفاضلة أساسا كما أسلفنا، فقد فَضَّلَ اللهُ في كتابه الرُّسُلَ بعضهم على بعض، والأنبياءَ بعضهم على بعض، والناسَ بعضهم على بعض، والأيام بعضها على بعض، والأمكنة بعضها على بعض، والليالي بعضها على بعض، والأوقات بعضها على بعض، فليس من المعاب أبدًا أن تفضَّل بعض الآيات والسور على بعض، فالأفضل والمفضول والفاضل سنة الكون والعقل والحياة، وقد صَحَّ أنَّ قراءة بعض الآيات والسور من قصار المفصَّل تساوي نصف أو ثلث أو ربع القرآن: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59]، وعلينا أن نجتهد ونمتثل، و (مَنْ سار على الدرب وصل).
فلا غرو بعد هذا أن يكون لسورة «يس» وجه تفضيل، وخصوصية لها من الشَّرع ومن الواقع، ومن التجربة دليل قاطع([5]).
رابعًا: مسألة البركة:
(1) ما هي البركة؟
للبركة معان شتَّى تختلف باختلاف سياقها من الآية أو الحديث أو الأثر، وكلها تتحد في الحقيقة، ومن معانيها هنا: الزيادة والنماء، وهما يشملان المحسوسات والمعنويات جميعًا.
والحقيقة: أنَّ البركة سرٌّ إلهيٌّ وفيضٌ، زاده الله تعالى ونَمَّى به أعمالَ البرِّ، بملازمة القربات الكريمة، فكانت البركة بهذا ثمرةً معنويةً غيبيةً من ثمرات العمل الصَّالح، يحقق الله بها الآمال، ويدفع بها السُّوء، ويفتح بها مغاليق الخير من فضله، فالبركةُ بهذا المعنى لونٌ من الرحمة والفضل الإلهي، والخير الشَّامل والفائدة، واللطف الخفي، الذي يحبو به الله أعمال أوليائه وأحبابه الأبرار، ومحاولة التزام صرف هذا المعنى الروحاني إلى معنىً من المعاني الوثنية، والتكلف في حمله على الغايات الحسية، نوع من التحكم الذي لا دليل عليه، وما قال به إلا المصابون بالجمود المذهبي والوثنية العقلية.
ونقول استطرادًا وتنبيهًا: تلك الطائفة التي تصوِّرُ الله شيئًا ذا جوارح وحدود ومكان، ثُمَّ يتناقضون مع البداهة العقلية فيقولون مع هذا التمثيل المركب: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11] !! ورحم اللهُ الزمخشري في قوله:
قَدْ شَبَّهُوهُ بخَلْقِهِ فَتَخَوَّفُوا |
* | شِنَعَ الوَرَى، فَتَسَتَّرُوا بالْبَلْكَفة([6]) !! |
ولا أعرفُ، ولا يعرف العقلاءُ كُلُّهم، فَرْقًا في الوثنية بين مَنْ يُصَوِّرُ أمام بصره ربّا صنمًا حسيًّا يعبده، ومَنْ يُصَوِّرُ في ذهنه ربًّا وثنًا خياليًّا يعبده، فكلاهما وثنيٌّ يعبد شيئًا محدودًا مُصَوَّرًا من نتاج الذهن البشري (الحادث)، والذي يستحيل عليه تصور حقيقة (القديم)، وتعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، فـ «كُلُّ مَا خَطَرَ ببالكَ، فاللهُ بخلاف ذلك»، والخواطر والأخيلة مخلوقة حادثة، وتبارك المُنَزَّه عن الحدوث سبحانه.
(2) ألوان من البركة:
ثُمَّ إنَّ الله بارك القرآن في ذاته: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ﴾ [ص: 29]، وبارك الزمان الذي أنزل فيه القرآن: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [الدخان: 3]، وبارك المكان الذي أنزل فيه القرآن ببركة بيته العتيق: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا﴾ [آل عمران: 96]، وامتدت بركة القرآن من مكة إلى حيث نزل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ﴿وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا﴾ [المؤمنون: 29] ، وبارك الله الأسرة النبوية من إبراهيم: ﴿رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ﴾ [ هود: 73]، ذلك أنَّ الذات الإلهية التي أنزلت القرآنَ مباركة ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ [ الفرقان: 1]، مباركة الذات ﴿تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ﴾ [ الأعراف: 54]، مباركة الاسم ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ﴾ [الرحمن: 78]، ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [ الملك: 1].
ونرى البركة في القرآن قد لحقت أشياء شَتَّى، مَثَلًا أدركت البركة الأنبياء والصالحين معهم: ﴿وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ﴾ [ هود: 48]، ويقول الله على لسان عيسى: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ﴾ [ مريم: 31].
وبارك اللهُ الماء: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا﴾ [ ق: 9]، وبارك الشجر: ﴿يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ﴾ [النور: 35]، وبارك التحية: ﴿تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً﴾ [النور: 61]، وبارك البقاع: ﴿فِي البُقْعَةِ المُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ [القصص: 30]؛ فهو قد بارك المحسوسات والمعنويات، كُلاًّ بما يناسبه من معين الفيض الذي لا ينتهي.
وبركة «يس» قَبَسٌ من أضواء هذه البركة الغامرة من ربِّ القرآن إلى رسول القرآن، وذات القرآن، ومكان القرآن، وزمان القرآن، وأهل القرآن .
خامسًا: بركة «يس» للأحياء والمحتضرين والموتى:
(1) بركة يس للأحياء:
أ- أخرج الحافظ أبو يعلى، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ يس فِى لَيْلَةٍ أصبح مغفورًا له». صَحَّحَه الحاكم. وفي رواية مالك وابن السني: «مَنْ قَرَأَ يس فِى لَيْلَةٍ ابْتَغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ غُفِرَ الله لَهُ»([7]).
ب- وروى الترمذي -بإسناد لا بأس به- عن أنس رضى الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِكُلِّ شَىْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس، مَنْ قَرَأَها كَتَبَ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ» ([8]).
قال الخفاجي: هذا الحديث رواه الترمذي عن أنس، وفي الجامع الصغير هذا الحديث معزو إلى الدَّارمِي.
وقال المناوي: قال الترمذي: غريب، ولكن المناوي قال بعد هذا: «تواترت الآثار بجموم فضائل يس ... إلخ» .
قال في كشف الخفاء: «هو بين جماعة الجبرتية باليمن قطعيّ، ونقل عن القاري كرامة كانت لأحد صالحي الأشياخ وتلاميذه عندما قرءوا يس توسلًا إلى الله في الأخذ بحقهم من رجل انتقصهم ؛ فسلب الله من قلب الرجل القراءات السبع!!».
قال: وأسنده الدَّيْلمي إلى عليٍّ بن أبي طالب، كما في التخريج لابن حجر: «اقرؤا يس فإن فيها عشر بركات ...» إلخ([9]).
جـ- نقل الصَّاوي على الجلالين قوله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في القرآن لسورة تشفع لقارئها وتستغفرُ لمستمعها ألا وهي سورة يس» ([10]). والقاعدة المجربة «يس لما قرأت له»، أي هي وسيلة إلى الله فيه.
د- وأخرج أبو نصر السجزي في «الإبانة» عن عائشة رضى الله عنها، عنه صلى الله عليه وسلم: «إن في القرآن سورة تدعى العظيمة عند الله تعالى، ويدعى صاحبها الشريف عند الله، تشفع لصاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر، وهي يس» ([11]).
قال السجزي: هذا من أحسن الحديث وأعذبه، وليس في إسناده إلا مقبول ثقة، ورواه الترمذيُّ عن محمد بن عليٍّ مرسلًا، ورواه الحاكمُ [في التاريخ] عن محمد ابن الحنفية عن عليٍّ موصولًا.
هـ- وفي سنن الدَّارمِيِّ، عن عطاء بن رباح بلاغًا: «مَنْ قَرَأَ يس صَدْرِ النَّهَارِ قُضِيَتْ حَوَائِجُهُ» ([12]).
وفيه عن شهر بن حوشب، قال ابن عَبَّاس رضى الله عنه: «مَنْ قَرَأَ يس حِينَ يُصْبِحُ أُعْطِىَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِىَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِى صَدْرِ لَيْلِهِ أُعْطِىَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ» ([13]).
قلتُ: وكُلُّ هذا مجتمعًا كان السبب في اتخاذ «المحمديين» سورة «يس» من أورادهم، يقرؤها المستطيع منهم بعد المغرب، كما يقرأ «تبارك» بعد العشاء، منفردًا أو في جماعة، وفي الحديث الثابت: «يَدَ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ» .
(2) بركة يس للمحتضرين:
أ- وذكر العلامة الصَّاوي في حاشيته على تفسير الجلالين، قال صلى الله عليه وسلم: «أيُّمَا مُسْلم قرأ سورة يس وهو في سكرات الموت حَتَّى يجيئه رضوان بشربة من الجنة فيُقبض وهو ريَّان»([14]).
ب- وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « مَا من ميت -أي محتضر- يقرأ عليه يس إلا هَوَّن الله عليه» ([15]). وهو وجه في حديث: «اقرءوا على موتاكم يس». ولله في ذلك حكمة كلها نعمة.
(3) بركة يس للموتي:
أ- أخرج الإمامُ أحمدُ في مسنده، وأبو داود، والنسائيُّ، وابنُ حبَّان وصَحَّحَه، قال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا يس على موتاكم»، وفي رواية: «اقرءوا على موتاكم يس»([16]).
وقد ألَّفَ الصَّنْعانيُّ رسالة «ضوء النهار» في إثبات أنَّ الحديث نَصٌّ في موتى القبور، وأثبت هذا مَرَّة أخرى في «سبل السَّلام»، وأيَّدَه في ذلك جماهيرُ علماء المسلمين، سلفًا وخلفًا، إذ أنَّه لا موجب أبدًا للتعسف والتحكم، وصرف لفظ الموتى إلى المحتضرين، بلا برهان علميٍّ على أنَّ قراءتها على أحد النَّوعين لا يمنع الآخر، ولا يتعارض معه، بل هو يشمله.
ب- نقل ابن القيِّم عن الإمام الخلاَّل الحنبلي، بسنده عنه صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ دَخَلَ المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذٍ وكان له بعدد مَنْ فيها حسنات» ([17]).
جـ- ونقل كذلك عنه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ زار قبر والديه فقرأ عنده أو عندهما سورة يس غفر له» ([18]).
د- وروى الإمامُ أحمدُ في المسند أيضًا : حَدَّثَنَا أبو المغيرة ، حَدَّثَنَا صفوان ، أنَّ المشيخة كانوا يقولون : «إذا قُرئت (أي سورة يس) عند الميت خفف عنه بها»([19])، وأسنده صاحب مسند الفردوس.
وقال المحبُّ الطبريُّ: «المرادُ: الميتُ الذي فارقته روحه، وحَمْلُه على المحتضر قولٌ بلا دليل».
قُلْنَا: ولا شَكَّ أنَّ هذا هو الحقُّ الصَّريح، فإذا كان المحتضر ينتفع بمعانيها، فهو والميت ينتفعان ببركتها، فإنَّ الإنسانَ هو الرُّوح، وهي باقيةٌ بعد الموت، بكُلِّ خصائصها.
(4) بركة يس للأحياء والموتي:
أ- وأخرج أحمدُ، والطَّبراني، عن معقل بن يسار رضى الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يس قَلْبُ الْقُرْآنِ، لاَ يَقْرَأُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللَّهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ إِلاَّ غُفِرَ لَهُ، وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ »([20]).
قُلْنَا: ففيها بركةٌ للحيِّ والميت معًا، بهذا النَّص الصَّحيح الصَّريح.
ب- وروى البيهقيُّ في شعب الإيمان، عن معقل بن يسار رضى الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ قَرَأَ يس ابتغاءَ وجه الله غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ، فاقرءوها على موتاكم»([21]).
قُلْنَا: ففيه التصريح بفائدتها للأحياء والموتى معًا بالمعاني وبالبركة، وبما لا يعلمه إلا الله وحده.
جـ- وروى البيهقيُّ عن أبي قلابة : «مَنْ قَرَأَ يس غُفِرَ له، ومَنْ قَرَأَهَا وهُو جَائِعٌ شَبِعَ، ومَنْ قَرَأَهَا وهُوَ ضالٌ هُدي، ومَنْ قَرَأَهَا -أي توسُّلًا إلى الله- وله ضالةٌ وَجَدَهَا، ومَنْ قَرَأَهَا على طَعَامٍ خاف قِلَّتَهُ كَفَاهُ، ومَنْ قَرَأَهَا عند ميت هُوِّن عليه، ومَنْ قَرَأَهَا عند امرأة عسر عليها ولدها يُسِّرَ عَلَيْهَا، ومَنْ قَرَأَهَا فكَأَنَّمَا قَرَأَ القرآن أحد عشر مَرَّةً، ولُكلِّ شيء قَلْبٌ، وَقَلْبُ القُرآن يس»([22]).
قُلْنَا: وكُلُّها أحاديثٌ يَشُدُّ بعضها بعضًا بحمد الله، فهي مقبولةٌ معتمدةٌ هنا، إن شاء الله.
سادسًا: عدية يس:
وللنَّاس فيما يُسَمَّى «العدية» آراء وصور شَتَّى، لكُلٍّ منها وجهه، وبعضها مرفوض، أمَّا نحن فقد تلقينا عن أشياخنا هذه الصورة المجربة في الابتهال إلى الله والتوسُّل إليه استشفاعًا بكلامه في قضاء الحاجات بهذه الصورة، ملخصة في الآتي:
1- تحديد زمان ومكان معيَّن لمدة سبعة أيام، والأَوْلَى أن يكون بعد المغرب، أو بعد العشاء، أو في السَّحَر، أو بعد الفجر، لما ورد من بركة هذه الأوقات والأزمنة.
2- يبدأ القارئ بصلاة ركعتي قضاء الحاجة، ثُمَّ يختم بهذه الصَّلاة، بعد سابع مَرَّة من القراءة، ويكثر الدعاء في سجود هذه الصَّلاة، وبعد السَّلام منها بما يهمه، ويجوز تكرار صلاة الحاجة مع كل ليلة.
3- يستقبل القبلة، ويلبس البياض، ويتعطر، ويستحضر الموضوع الذي يقرأ من أجله طول فترة القراءة، لا ينساه، ويستحضر الرابطة الرُّوحية، ويهدي بركة الفاتحة إلى أشياخه وأولياء الله حتَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، متأكدًا أنَّها ليست سنة وشريعة منصوصة، ولكنها تجربة قائمة على الطَّمَع في فضل الله، وفي سماحة عمومية الشريعة والتلقي والإيمان قبل بدء القراءة.
4- يتلو السورة «يس» سبع مرات على جلسة واحدة، في كُلِّ ليلة من ليالي الأسبوع، ويدعو الله عقب كل مَرَّة من السبع بما يهمُّه، عازمًا مسألته بقوة ويقين، وفي الحديث: «ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ»([23]).
5- لا داعي عندنا قط إلى قراءة ما يُسَمَّى «دعاء يس» المشهور، ولا توكيل (الخدام!!)، ولا تكرار بعض الكلمات أو الآيات من السورة، ولا نجوِّز ذلك، بل يكفي التضرع والإلحاف على الله في المسألة والدعاء، بعد كُلِّ مَرَّةٍ من مَرَّات القراءة ، وفي البدء والختام بصلاة الحاجة ، والدعاء في سجودها بكل ما يطلبه الإنسان من ربه بأسلوبه ولغته، حديث العبد للمولى والحبيب للحبيب، متأكدًا أنَّ (الله غالب على أمره) فلا يعجزه شيء ، ولا يستحيل عليه شيء ، وقد جَرَّبنا الاستجابة، والحمد لله، فإن تأخرت الإجابة أعيدت القراءة لثلاث مرات، والأعمال بالنيات.
ولا يقال هنا: إنَّ هذا تشريع، فإنَّمَا هو تجربة وطريقة في الدعاء تسعها المبادئ الإسلامية العامة، ولا يوجد ما يمنعها شرعًا ولا عقلًا.
وعلى المرء استيفاء شروط القبول من الطهارة، وأكل الحلال، وعدم التعجل، وبما قَدَّمْنَا ينحصر الإبهام الذي أثاروه حول هذه السورة المباركة، من كُلِّ النواحي مُفَصَّلًا تفصيلًا مركَّزًا، ولله الحمد .
بقي أن يقول متعالمٌ، أو متجاهلٌ، أو ذو غلٍّ على المؤمنين: إنَّه قد يكون في بعض ما ذُكِرَ من النصوص لين، أو شبه ضعف، وهو قول يسحبه هؤلاء الناس جزافا أو عنادا، تصعيدًا لما في نفوسهم من الغلِّ والحقد والعمالة والاستعلاء، ومن دعاوى الاختصاص بالصَّواب واحتكار الوصاية على دين الله، فلننقل إليهم ما قرر المحدِّث الفقيه الثقة الإمام النووي في «الأذكار» قال: «قال العلماء من المحدِّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويستحب العملُ في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا»([24]). انتهى.
وهذا الباب أصيلٌ في الفضائل، والأمَّة كلها على ذلك، ولاستيفاء العلم بكُلِّ أطراف هذا الموضوع راجع رسالتنا «وظيفة الحديث الضعيف في الإسلام»، وليست كُلُّ أحاديثه بالضعاف كما رأيت، بل فيها الصحيح والحسن الكثير جدا، وما هو في درجته بتوفر السبب العلمي.
وبورودها على هذا الوجه فالأخذُ بها كالأخذ بالصَّحيح تمامًا، فافهم ! وقاك الله التعصب الذميم والتوهب الأثيم، والانشغال بالتافه السقيم عن كُلِّ قويم ومستقيم.
سابعًا: قراءة يس بعد صلاة الجمعة:
تلقينا عن أشياخنا خصوصية قراءة سورة «يس» جماعة، ختامًا للدرس الكبير بعد صلاة الجمعة أسبوعيًا، باعتبارها قرآنا يجوز أن يتلى في كُلِّ وقت، وكُلِّ يوم، وكُلِّ مكان، ثُمَّ لما جاء من أن ساعة الإجابة يوم الجمعة ربما كانت بعد الصَّلاة، حين غفلة النَّاس بمصالحهم الدنيوية، ثُمَّ لما جاء من التشريع بعد صلاة الجمعة في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا﴾ [الجمعة: 10]، فذكر الله بعد صلاة الجمعة مما وجَّهَت إليه الآية، ولا شَكَّ أنَّ أفضل الذكر القرآن، فإذا اجتمع درس العلم مع التلاوة، كان جمعًا لأفضل شيء يعمل بعد الصَّلاة لمن لم يكن له مصلحة أهم، ورفع الصوت الجماعي بالتلاوة في المسجد كرفع الصوت بالعلم والدَّرْس، مما أجمعت عليه الأمَّة، ونحن لا نقول بأنَّه سنة موروثة، ولكنه اجتهاد في حدود الأصول الإسلامية، وعموم الأمر بأنواع العبادات، ما لم تصادم نصًا صريحًا، ثُمَّ لأنَّهَا لا شَكَّ أفضل من انصراف النَّاس إلى ما لا يرضي الإسلام من اللهو والعبث وأسباب الانحلال في أدوات الإعلام وغيرها بالمقاهي والملاهي، وبقية الدواهي، ولا قُوَّة إلا بالله.
فعلى المعترضين على العابدين أن يعترضوا أولًا على المدمِّرين المخرِّبين لدين الله، ثُمَّ إذا أصلحوا هذا عادوا إلى ما فيه الخلاف من الفروع والهوامش، واللهُ ربُّ قلوب وأعمال، لا رب مراء وأقوال.
والعاقل مَنْ اختار أخف الضررين، وليس كُلُّ ما لم يأت بالنَّص فهو حرام، وحيثما كانت المنفعة فثَمَّ شرع الله.
([2]) رواه الترمذي في جامعه (5/513)، والنسائي في السنن الكبرى (6/47)، والبيهقي في سننه الكبرى (8/332)، وفي شعب الإيمان (5/305) .
([3]) رواه أحمد (5/149، 156)، وابن ماجه (1/429)، والنسائي في السنن الكبرى (1/346)، وفي السنن الصغرى (2/177)، والحاكم (1/367) .
([14]) في مسند الشهاب (2/130) عن أبي بن كعب: «إن لكل شيء قلبا ... وأيُّما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه». وعزاه في كشف الخفاء (2/526) للبيضاوي.
([15]) قال القرطبي في التذكار (ص273): «ذكره الآجري في كتاب النصيحة له من حديث أم الدرداء» ، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (5/257) ونسبه إلى ابن مردويه والديلمي، وأخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (1/188). وذكر الشيخ البنا الساعاتي في الفتح الرباني (18/254) أن القاضي أبو بكر بن العربي قال: تتأكد قراءة يس ، وإذا حضرت موت أحد فاقرأ عنده يس، فقد مرضت وغشي عليّ وعددت في الموتى ، فرأيت قوما كرش المطر يريدون أذيتي، ورأيت شخصًا جميلًا دفعهم عني حتى قهرهم، فقلت: من أنت؟ قال: سورة يس، فأفقت فإذا بأبي عند رأسي وهو يبكي ويقرأ يس، وقد ختمها.
([16]) رواه أحمد (5/26، 27) ، وأبو داود (3/191) وسكت عنه، والنسائي في السنن الكبرى (6/265)، وابن حبان في صحيحه (7/269)، وغيرهم.
([17]) عزاه القرطبي في التذكار (ص276) إلى الثعلبي عن أبي هريرة بلفظه. وعزاه السيوطي في شرح الصدور (ص130) إلى عبد العزيز صاحب الخلال.
([18]) رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (5/151)، وقال: وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ليس له أصل. وراجع فيض القدير للمناوي (6/141).
([19]) رواه أحمد (4/105) ، وابن سعد (7/443) ، وابن عساكر (14/137) ، وله حكم المرفوع ، وحسن الحافظ إسناده في الإصابة (5/324) ، ولفظ ابن عساكر: عن أسد بن وداعة قال : لما حضر غضيف بن الحارث الموت حضر إخوته فقال: هل فيكم من يقرأ سورة يس؟ فقال رجل من القوم : نعم . فقال : اقرأ ورتل وأنصتوا ، فقرأ ورتل وأسمع القوم ، فلما بلغ: ﴿فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [يس: 83]. فخرجت نفسه. قال أسد بن وداعة: فمن حضره منكم الموت فشدد عليه الموت فليقرأ عليه يس فإنه يخفف عليه الموت.
([20]) رواه بهذا اللفظ أحمد (5/26)، والطبراني في الكبير (20/220، 230)، والنسائي في السنن الكبرى (6/265)، وفي عمل اليوم والليلة (ص581)، وأبو بكر الروياني في مسنده
(2/323)، وهو وجه في حديث: «اقرءوا على موتاكم يس» وقد تقدم تخريجه.
([22]) هذا حديث أبي قلابة، وقد تقدمت أجزاء منه، وهنا نصه كاملًا، وقد رواه البيهقي في شعب الإيمان (481، 482)، وقال: «هذا نقل إلينا بهذا الإسناد من قول أبي قلابة، وكان من كبار التابعين، ولا يقوله إن صح ذلك عنه إلا بلاغًا» .
([24]) يجب ملاحظة أن الحديث الضعيف هو الذي لم يتوفر فيه كل شروط الحديث الصحيح، أي: إنه تتوفر فيه فعلًا بعض شروط الصحيح، فهذا من الفرق بين الضعيف والمكذوب والمرفوض، فتأمل!!. اهـ مؤلفه.