تقديم
الحمد لله حمد الشاكرين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الأكرمين ورضى الله وتبارك وتعالى عن حبه الغُر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن كتاب (أُنس الفقير) الذي بين أيدينا له مكانته وأهميته من الناحية العلمية والتاريخية، فقد ضمن المؤلف -رحمه الله- نماذج كثيرة من سير الصالحين والأولياء المتقين في بلاد (المغرب) العربي الذين عاشوا بين القرن السادس والثامن الهجري، ولم يقتصر المؤلف على سيرة الأمام العارف أبى مدين الغوث الملقب بشيخ الشيوخ- حيث تخرج على يده ألف شيخ من أولى الكرامات كما قال الشيخ محى الدين ابن العربى- الذي من أجله وضع هذا الكتاب بل تناول شيوخه وأصحابه، ومن سار على طريقه وتأدب بآدابه.
كما ذكر فيه جملة ممن عاصرهم والتقى بهم من العلماء والصُلحاء في رحلته إلى مدينة (فاس) وما حولها من ربوع بلاد (المغرب) العربي الأقصى.
فجاء هذا الكتاب سجلًا حافلا لرواد الفكر الصوفي المستنير على هدى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذكر من أخبارهم وآدابهم وعلومهم ما تصح به القدوة وتسمو به الروح.
ومما لا شك فيه أن مطالعة أخبار الصالحين له أثرلاه العظيم في تقوية قلب السالك مريد الدار الآخرة، قال تعالى: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾[هود:120] ومن أحب قومًا حشر معهم فالمرء مع من أحب كما قال صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك فإن دور هذا الكتاب قد أثرى المكتبة التاريخية خاصةً والمكتبة الإسلامية عامةً.
فصلا يستغنى عنه باحث في سير الرجال من أهل (المغرب) وتراجمهم، أو سالك يريد الله والدار الآخرة ومعرفة علوم القوم وأحوالهم.
ولقد قرأه وحققه الأخ نجاح صيام فأحسن صنعًا وأجاد وعسى الله أن ينفع بالأصل والتحقيق إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
القاهرة أد / علي جمعة
شوال 1422هـ جامعة الأزهر