مقدمة المصنف
قال الشيخ الفقيه المدرس المفتي الخطيب البليغ القاضي الأعدل
أبو العباس أحمد بن الخطيب القسنطيني عرف بابن قنفذ -رحمه الله تعالى ورضى عنه-.
الحمد الله الذي جعلنا من أمة محمد خاتم أنبيائه. وصرف قلوبنا إلى محبة أهل طاعته وأوليائه. وحفظ وجودنا بوجودهم في أرضيه وسمائه. وجعلهم مراتب بحسب تفاوتهم في منازل أصفيائه. ووعدهم بالمزيد من فضله وإحسانه ونعمائه. وأمنهم بقوله تعالي:﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾([1]) [يونس:62].
وصلاته التامة على سيدنا محمد ومولانا محمد هادي إلى الإيمان. المخصوص بالصدق والحلم والإحسان. المعروف بالعز المؤيد والخلق الحسان. الذي ظهرت بركاته وأنواره في عالم الإنسان. وصحت كرامة من أتبعه صادقًا بالفعل واللسان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً دائمةً إلى يوم يبعثون.
وبعد: فإن الفقير إلى عفو ربه أحمد بن الخطيب -وفقه الله ولطف به- قال: رغب إلى من يتكرم على من بعض إخواني في الدين في تقييد شئ من كلام الشيخ أبى مدين -نفعنا الله به وبأمثاله من المسلمين- وذلك في شهر رمضان المعظم من عام سبعة وثمانين وسبعمائه بقسنطينية المحروس. فحركني ذلك إلى ذكر هذا الشيخ والتعريف به، وما وصل إلى من خبره ونسبه، من مناسبة جلبتها هنا بسببه؛ قاصدًا سبيل الإختصار على العادة في ذكر الأمثال والأخبار.
وسميت هذا التقييد ((أنس الفقير وعز الحقير)).
وقبل الخوض في ذلك أقدم هنا مقدمة قريبة تفيد الناظر صفة الولي وتحقيق أمره، وإن تباين ما بين سره وجهره، مع لواحق ألحقتها وشواهد أثبتها.