الباب السادس - فيما فَسَّرَهُ من الأحاديث النبوية
فيما فَسَّرَهُ من الأحاديث النبوية وإبداء أسرار فيها على مذهب
أهل الخصوصية
قال } في قوله —: «سبعةٌ يُظِلُّهُمُ الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبُه معلق بالمسجد حتى يعود إليه, ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وتَفَرَّقَا عليه, ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال؛ فقال: إني أخاف الله, ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه, ورجل تَصَدَّقَ بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه»([1]).
فقال الشيخ:
- «الإمام العادل» هو القلب.
- «ورجل قلبه معلق بالمسجد حتى يعود إليه»؛ أي رجل قلبه معلق بالعرش فإن العرش مسجد قلوب الموقنين.
- «ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه»؛ أي خاليا من النفس والهوى.
- «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها»؛ أي من النفس والهوى، وكذلك قال في قوله تعالى: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾([2])؛ أي في النفس والهوى.
واعلم: أن هؤلاء السبعة جازاهم الحق سبحانه من حيث معاملتهم إياه، أما الإمام العدل فإنه عدل في عباد الله، فآوى المظلوم إلى ظل عدله؛ فآواه الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأما الشاب الذي نشأ في عبادة الله؛ فإنه أوى إلى الله معرضًا عن هواه، آويًا إلى كنف مولاه؛ فصنع الحق معه ذلك في الآخرة جزاء، كما صنع هو ذلك مع الله في الدنيا معاملة.
وأما الرجل الذي قلبه معلق بالمسجد حتى يعود إليه؛ فإنه آثر طاعة الله، وغلب عليه حب الله؛ فلذلك صار قلبه ملتفتا إلى المسجد لا يحب البراح عنه، يجد فيه روح القرابة وحلاوة الخدمة؛ فأوى إلى الله مؤثرًا لربوبيته, فأظله الله بظله يوم لا ظل إلا ظله؛ جزاء لما سبق من معاملته.
وأما الرجلان اللذان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه؛ فإنهما تواصلا بروح الله تعالى وتآلفا بمحبة الله، فكا نذلك منهما انحياشًا إلى الله, فآواهما الله بظله يوم لا ظل إلا
ظله.
وأما الرجل الذي دعته امرأة ذات حسن وجمال, فقال: «إني أخاف الله رب العالمين»؛ فإنه صَلِيَ نار مخافة الهوة من المولى, وخالف بواعثَ الطبع المعارضة للتقوى، ولما خاف الله هرب إليه, ولما هرب إليه ها هنا معاملة؛ آواه الله إليه في الآخرة مواصلة، فأظله الله بظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأما الرجل الذي ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه؛ فإنه لم تفض عيناه إلا من القرح التي أحرقت قلبه؛ إما حياءً من الله, أو شوقًا إليه، أو خوفًا من ربوبيته, أو لشهود التقصير معه، فلما فعل ذلك حيث لا يراه أحد إلا الأحد كان ذلك معاملة لله، وانحياشًا إليه بالاعتذار إليه أو بالتشوق, فآوى إلى الله؛ فأظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وأما الرجل الذي تَصَدَّقَ بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه؛ فإنه قد آثر الله على نفسه ببذل الدنيا؛ إيثارًا لحب الله ما تحبه نفسه؛ لأن شأن النفس حب الدنيا وعدم البذل لها, فلا يبذل لها إلا من آثر الله عليها؛ ولذلك قال رسول الله >: «والصدقة برهان»([3])؛ أي برهان يدل على أن العبد آثر مولاه على نفسه وهواه, فلما مال هذا العبد إلى الله بالمعاملة مَنَّ الله عليه بأن أظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, وتشترك الأقسام السبعة في معنى واحد؛ فلذلك جَوَّزُوا جزاءً واحدًا اشترك في أن كلًّا من هؤلاء السبعة صَلِي حر مخالفة الهوى في الدنيا, فلم يذقه الله حر الآخرة.
وقد قال > حاكيًا عن الله: «لا أجمع على عبدي خوفين, ولا أجمع عليه أمنين؛ إن أمنته في الدنيا أخفته في الآخرة, وإن أخفته في الدنيا أمنته في الآخرة»([4]).
وقال } في قول رسول الله >: «يسروا ولا تعسروا»([5])؛ أي دلوهم على الله ولا تدلوهم على غيره؛ فإن من دَلَّك على الدنيا فقد غَرَّكَ, ومن دَلَّكَ على الأعمال فقد أتعبك، ومن دَلَّكَ على الله فقد نصحك.
وقال } في قول رسول الله >: «رأيت الجنة، فتناولت منها
عنقودًا، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا»([6]), فقال: الأنبياء يطالعون حقائق الأشياء والأولياء يطالعون مثلها؛ فلذلك قال عليه الصلاة والسلام: «رأيت الجنة»، ولم يقل كأني رأيت.
وقال حارثة لَمَّا قال رسول الله >: «كيف أصبحت يا حارثة»([7]) قال: «أصبحت مؤمنًا حقًّا»، فقال >: «لكل مقال -أو قول- حقيقة؛ فما حقيقة إيمانك؟»([8])، قال: «عرضت نفسي على الدنيا فاستوى عندي ذهبها ومَدَرُهَا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يتنعمون, وإلى أهل النار في النار يُعَذَّبُون, وكأني أرى عرش ربي بارزًا؛ من أجل ذلك أسهرت ليلي, وأظمأت نهاري»؛ فقال له رسول الله >: «يا حارثة، عرفت فالزم»([9])، ثم قال: «عبدٌ نَوَّرَ الله قلبه بنور الإيمان»([10])؛ فقال حارثة: «كأني»، ولم يقل: «رأيت»؛ لأن ذلك للأنبياء دونه.
وكذلك قول حنظلة الأَسَدِيِّ لرسول الله >: «تُذَكِّرُنَا الجَنَّةَ والنار، حتى كأنَّا رأي عين»، ولم يقل: «حتى نراها رأي عين» لما قدمناه.
وفي حديث حارثة فوائدُ عشر:
الفائدة الأولى: أنَّه لمَّا سأل النبي > حارثة فقال له: «كيف أصبحت يا حارثة؟» لم يقل حارثة: «غنيًّا ولا صحيحًا», ولا شيئًا من الأحوال البدنية أو الأمور الدنيوية؛ لأن حارثة علم أن رسول الله > أجلّ من أن يسأل عن دنيا، بل فهم عنه أنه إنما سأله كيف حاله مع الله؛ فلذلك قال الصحابي: «أصبحت مؤمنًا حقًّا»، إن أبناء الدنيا إذا سُئلوا فلا
يخبرونك إلا عن دنياهم, وربما أخبروك إذا سألتهم عن الضجر بأحكام مولاهم، فالسائل لمن هذا وصفه مشارك له فيما استثاره سؤاله بجريان سببه منه.
قال الشيخ أبو العباس لرجل أتى من الحج: «كيف كان حجكم؟»، فقال ذلك الرجل: «كثير الرخاء كثير الماء كذا كذا, وسعر كذا وكذا»؛ فأعرض الشيخ عنه وقال: «نسألهم عن حجهم وما وجدوا فيه من الله من علم ونور وفتح, فيجيبون برخاء الأسعار وكثرة المياه، حتى كأنهم لم يُسألوا إلا عن ذلك».
الفائدة الثانية: أنه ينبغي للمشايخ تَفَقَّدُ حال المريدين, ويجوز للمريد إخبار الأستاذين، وإن لزم من ذلك كشف حال المريد؛ لأن الأستاذ كالطبيب, وحال المريد كالعورة، والعورة قد تُبْدَى للطبيب لضرورة التداوي.
الفائدة الثالثة: انظر إلى قوة نور حارثة، في قوله: «أصبحت مؤمنًا حقًّا», فلولا أنه منصور بنور البصيرة الموجبة لمحض اليقين والتحقق بالمنة ما أخبر بذلك وأبداه، وأثبت لنفسه حقيقة الإيمان بين يدي صاحب المحو والإثبات, وإنما أبدى ذلك حارثةُ؛ لأنه علم أن طواعية رسول الله > واجبة، والرسول قد استخبره عن حاله؛ فلم يَسَعْهُ الكتم، وأبدى ما عَلِمَ أن الله تَفَضَّلَ به عليه ببركات متابعة رسول الله >؛ ليفرح له رسول الله > بمنة الله, فيشكر الله عنه ويسأل الله تثبيت ما أعطاه.
ومثل هذا ما ذكره بعض العلماء، قال: وقعت زلزلة بالمدينة زمن خلافة عمر، فقال عمر: «ما هذا؟ ما هذا ما أسرع ما أحدثتم! والله لئن عادت لأَخْرُجَنَّ من بين أظهركم».
فانظر -رحمك الله- هذه البصيرة التامة، كيف أشهدته أن الزلزلة إنما هي من حدث، وأن ذلك الحدث منهم، وأنه بريء منه، فهل هذا إلا من نور البصيرة الكاملة التي وُهِبَهَا عمر! وكذلك ضربه لأبي هريرة في صدره، حين وجد معه نعل رسول الله >، وقد أمره أن من لقيه من وراء الحائط يشهد أن لا إله إلا الله أن يبشره بالجنة, ورجوعهما إلى رسول الله >، قول عمر: «يا رسول الله، أنت أمرت أبا هريرة أن يأخذ نعليك, ويبشر من لقي من وراء الحائط يشهد أن لا إله إلا الله بالجنة؟»، قال: «نعم»، قال: «لا تفعل يا رسول الله، خَلِّهِم يعملوا»، فقال —: «خلهم يعملوا»([11])، وهاتان الواقعتان يعرفانِك بعظم قدر عمر, ووفور أخذه من رسول الله >
واحتظائه من نوره, وهذا الحديث رويناه عن صحيح مسلم, وإنما ذكرته ها هنا مختصرًا.
الفائدة الرابعة: يُفهم من هذا الحديث انقسام الإيمان إلى قسمين: إيمان حقيقي، وإيمان رسمي؛ فلذلك أخبر الصحابي بقوله: «أصبحت مؤمنًا حقًّا»، والحديث يشهد له أيضًا ما رواه البخاري في صحيحه، يرفعه: أن رسول الله > قال: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا»([12]).
ورُوي أيضًا أنه > قال: «ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله ورسوله أَحَبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبه إلا لله، وأن توقد نار عظيمة فكان أن يقع فيها خيرٌ له من أن يشرك بالله»([13])، وقد جاء في الحديث أيضًا قال: قال رسول الله >: «المؤمن القوي خيرٌ وأَحَبَّ على الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير»([14])، وقد قال الله سبحانه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا...﴾([15]).
وهما صنفان: عبادٌ آمنوا بالله على التصديق والإذعان, وعبادٌ آمنوا بالله على الشهود والعيان.
وهذا الإيمان الثاني تارة يُسَمَّى إيمانًا, وتارة يُسَمَّى يقينًا؛ لأنه إيمان انبسطت أنواره وظهرت آثاره, واستمكن في القلب عموده، وداوم السر شهوده, وعنه يكون خالص الولايهْ، كما أن القسم الآخر يكون ظاهر الولايهْ، وليس يستوي إيمان مؤمن يغلب الهوى، وإيمان مؤمن يُغَلِّبُه الهوى, ولا إيمان مؤمن تعرض له العوارض فيدفعها بإيمانهْ، كإيمان مؤمن غسل قلبه من العوارض, فلا ترد عليه خاطر الذنب, فيجاهد نفسه حتى يذهب ذلك عنه، والآخر لا يخطر له هذا الخطر أصلًا، أيهما أتم والذي
لا تشك فيه تفضيل هذا القسم الثاني؛ فإنه أقرب لأحوال أهل المعرفة، والأول هو حال أهل المجاهدة, ولأنه لا يكون القلب على هذه الصفة إلا والنور قد مَلَأَ زواياه؛ فلأجل ذلك لم يجد خاطرُ الذنب مساعًا.
الفائدة الخامسة: مطالبة الرسول > لحارثة بإقامة البرهان على ما أثبته لنفسه، يفيدك ذلك أنه ليس كل من ادَّعى سَلَّمْتَ له، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿...فَتَمَنَّوُا المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([16])، ﴿...قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([17])؛ فموازين الحقائق شاهدة للعباد أو عليهم، وقد قال سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الوَزْنَ بِالقِسْطِ...﴾([18]).
فمن ادَّعَى حالًا مع الله أقيم عليه ميزانها, فإن شهد له سَلَّمْنَا له وإلا فلا, وإذا كانت الدنيا -على خسارة قدرها عند الله- لا تسلم لك إلا ببينة تقيمها؛ فمن الأحرى ألَّا تسلم لك مراتب الموقنين، حتى يثبتها لك برهان وتُسلمها لك حقيقة.
الفائد السادسة: كان الشيخ أبو العباس يقول: لو كان المسئول أبا بكر }؛ لم يطالبْه الرسول — بإقامة برهان على ما ادَّعَى؛ لأن عظيم رتبة أبي بكر شاهدة له من غير إظهار برهان, فأراد الرسول — أن يعرفنا الفرق بين رتبة أصحابه؛ فمنهم من هو كحارثة، لما ادَّعَى حقيقة الإيمان طولب ببرهانها, ومنهم من هو كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، يثبت لهما رسول الله > الرتب وإن لم يثبتوها لأنفسهما، ألا ترى الحديث الوارد أن بقرةً في بني إسرائيل ركبها رجل وأجهدها، فقالت: «سبحان الله، لم أُخلق لهذا إنما خُلقت للحرث!», فقال الصحابة: «سبحان الله، أبقرة تتكلم؟!»، فقال رسول الله >: «آمنت بذلك أنا وأبو بكر وعمر»([19]) -وهما غائبان- فانظر هذه المرتبة ما أفخمها! وهذه المنزلة ما أعظمها!.
وسمعت شيخنا أبا العباس يقول: معنى قوله —: «آمنت بذلك وأبو بكر وعمر»؛ أي من غير عجب وأنتم آمنتم متعجبين, فلأجل ذلك قالوا: «سبحان الله، أبقرة تتكلم؟!»، وكان يقول عن الملائكة لما بشرت زوجة إبراهيم بالولد قالت: ﴿أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ
عَجِيبٌ﴾ [هود:72]، فقالت الملائكة لها: ﴿أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله﴾ [هود:23]، أمر اللهِ لا يُتَعَجَّبُ منه, فلم يُسَمِّها الحقُ صِدِّيقَةً، ومريم لَمَّا بُشِّرَتْ بالولد من غير أب, فلم تتعجب من ذلك سمَّاها صديقة، فقال سبحانه: ﴿...وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ...﴾([20]).
الفائدة السابعة: استدلال الصحابي على حقيقة إيمانه بزهده في الدنيا، وكذلك هذا الإيمان إذا تحقق به من قام به أورثه الزهد في الدنيا؛ لأن الإيمان بالله يوجب لك التصديق بلقائه, وعلمك بأن كُلَّ آتٍ قريب يوجب لك شهود قُرْبِ ذلك, فيورثك ذلك الزهد في الدنيا, ولأن نور الإيمان يكشف لك عن إعزاز الحق لك، وتَأَنُّفِ هِمَّتِكَ من الإقبال على الدنيا والتطلع إليها، مع أن الحقيقة تقتضي أن الزاهد في الدنيا مثبت لها؛ فإنه شهد لها بالوجود؛ إذ أثبتها مزهودًا فيها، وإذا شهد لها بالوجود فقد عَظَّمَهَا، وهو معنى قول الشيخ أبي الحسن الشاذلي }: «والله لقد عظمتها إذا زهِدت فيها».
ومثل زهد الزاهد فيما زهد فيه فناء الفاني عَمَّا فني عنه؛ فإثبات أنك فانٍ عن الشيء إثبات لذلك الشيء, فما لا وجود له لا يتعلق به فناء ولا زهد ولا ترك, ولنا في هذا المعنى أبيات، كتبت بها لبعض إخواننا يسمَّى حَسَنًا:
حَسَنٌ بِأَنْ تَدَعُ الْوُجُودَ بِأَسْرِهِ
|
* |
حَسَنٌ فَلَا يَشْغَلْكَ عَنْهُ شَاغِلُ
|
وَلَئِنْ فَهِمْتَ لَتَعْلَمَنَّ بِأَنَّهُ
|
* |
لَا تَرْكَ إِلَّا لِلَّذِي هُوَ حَاصِلُ
|
وَمَتَى شَهِدْتَ نَواهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ
|
* |
مِنْ وَهْمِكَ الْأَدْنَى وَقَلْبُكَ ذَاهِلُ
|
حُبُّ الْإِلَه شُهُودُهُ لِوُجُودِهِ
|
* |
وَاللهُ يَعلَمُ مَا يَقُولُ الْقَائِلُ
|
وَلَئِنْ أَشَرْتُ إِلَى الصَّرِيحِ مِنَ الْهَوَى |
* |
دَلَّتْ عَلَيْهِ إِنْ فَهِمْتَ دَلائِلُ
|
وَحَدَيثُ كَانَ وَلَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَهُ
|
* |
يَقْضِي بِهِ الْآنَ اللَّبِيبُ الْعَاقِلُ
|
لَا غَيْرَ إِلَّا نَسْبَةٌ مَثْبُوتَةٌ
|
* |
لَيُذَمَّ ذُو تَرْكٍ وَيُحْمَدَ فَاعِلُ
|
الفائدة الثامنة: قول الصحابي: «عزفت نفسي عن الدنيا؛ فاستوى عندي ذهبها ومدرها»، العزوف هو ترك الشيء بالتعزف له, والإعراض عنه؛ إذ لو قال: «تركت الدنيا» لم يلزم من الترك عدم التطلع, فرب تارك الشيء وهو له متطلع, فالعزوف إعراض مع كراهة وتَحَقُّر, ومن كشف له عن حقيقة الدنيا فهذا شأنه فيها، قد قال رسول الله >: «الدنيا جيفة قذرة»([21]).
وقال > للضحاك: «ما طعامك»([22]) قال: اللحم واللبن. قال: «ثم يعود إلى ماذا؟» قال: إلى ما قد علمت يا رسول الله. قال: «فإن الله جعل ما يخرج من ابن آدم مثلًا للدنيا».
فمن كشف له عن حقيقة الدنيا، فشهدها جيفة قذرة؛ فحريٌ أن تعزف همته عنها فإن قلت: فقد قال رسول الله > «الدنيا حلوة خضرة»([23])؛ فاعلم أن الدنيا جيفة قذرة في مرأى البصائر، حلوة خضرة في مرأى الأبصار, فإن قلت: فما أداة الإخبار بأنها حلو خضرة؟ فاعلم أن قوله >: «الدنيا جيفة قذرة» للتنفير, وقوله: «الدنيا حلوة خضرة» للتحذير؛ أي فلا تَغُرَّنُكم بحلاوتها وخضرتها, فإن حلاوتها في التحقيق مرارة, وخضرتها يبس؛ ولهذا لما سُئل رسول الله > عن أولياء الله، قال: «هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهرها».
الفائدة التاسعة: وقوف الصحابي على مستحق رتبته، بقوله: «وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يتنعمون»، ولم يَقُلْ: «نظرت»، وقد تقدم ذلك من الأنبياء يطالعون حقائق الأشياء، والأولياء يطالعون مثلها.
الفائدة العاشرة: قوله: «فمن أجل ذلك أسهرت ليلي, وأظمأت نهاري»؛ فحارثة عَبْدٌ وصل بكرامة الله إلى طاعة الله، ألا ترى كيف قال في الأول: «عزفت نفسي عن الدنيا»، ثم قال: «فمن أجل ذلك أسهرت ليلي وأظمأت نهاري»! فسبق عزوف نسفه عن الدنيا معاملته لربه.
وكان الشيخ أبو العباس يقول: الناس على قسمين:
قوم وصلوا بكرامة الله إلى طاعة الله, وقوم وصلوا بطاعة الله إلى كرامة الله، قال الله سبحانه: ﴿...يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ﴾([24]).
ونور الله يَرِدُ على القلب، فيوجب له الاتِّصَافَ بصفة الزهد في الدنيا والإعراض عنها، ثم تنبت منه إلى الجوارح, فما وصل إلى العين أوجب
الاعتبار, وإلى الأذن أوجب حسن الاستماع، وإلى اللسان أورث الذكر, وإلى الأركان أورث الخدمة, والدليل على أن النور يوجب عزوف الهِمَّة عن الدنيا والنأي عنها، قول رسول الله >: «إن النور إذا دخل الصدر انشرح وانفسح»([25])، فقيل: يا رسول الله؛ فهل لذلك من علامة؟ قال: «التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود».
وأما حديث حنظلة الأَسَدِيُّ, فقد رواه مسلم في «صحيحه» قال: لقي حنظلة أبا بكر، فقال: «نافق حنظلة», فقال أبو بكر }: «وما شأن حنظلة؟»، فقال: «نكون عند رسول الله >, فيذكرنا بالجنة والنار حتى كأنا رأي عين, فإذا خرجنا من عنده عافسنا الضيعات والزوجات، نسينا كثيرًا», فقال أبو بكر }: «إنا لنلقى مثل ذلك يا حنظلة», ثم أتيا رسول الله > فقال حنظلة: «يا رسول الله، نافق حنظلة», فقال رسول الله >: «وما شأن حنظلة»([26]) فقال: «نكون عندك يا رسول الله تذكرنا بالجنة والنار حتى كأنا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الضيعات والزوجات نسينا كثيرًا», فقال >: «والذي نفسي بيده يا حنظلة، لو تدومون على ما تكونون عليه عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة في طرقكم, وعلى فرشكم ولكن ساعة وساعة»([27])؛ ففي هذا الحديث ثمان فوائد:
الفائدة الأولى: قول حنظلة: «نافق حنظلة»، النفاق مأخوذ من نافقاء اليربوع, وهو أن يجعل لبيته بابين، متى طُلِبَ أحدهما خرج من الأخر, كذلك المنافق يظهر بظاهر الإيمان وله مسرب من الكفر باطن، إذا عتبه أهل الكفر على ما أظهر من الإيمان فتح مسربًا من باطن كفره ليَسلم من عتبهم، وإذا ظهرت عليه رتبة أهل النفاق فعوتب عليها؛ تَصَوَّنَ من ذلك بظاهر الإيمان الذي أظهره؛ ولذلك أخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ﴾([28]).
فلما رأى حنظلة أنه يكون عند رسول الله > على حالة, فإذا خرج
وحاول أسبابَ الدنيا تَغَيَّرَ حالُه, فلم يبقَ على نحو ما كان عليه عند رسول الله >، خاف أن يكون ذلك نفاقًا لاختلاف حالتيه؛ فشكا ذلك على رسول الله >, وحمله الإيمان أن أظهر ذلك؛ ليتطلب الشفاء منه، ويشكو داءه لمن يوجد الشفاء عنده, فلما شكا ذلك لأبي بكر } قال له أبو بكر: «إنا لنلقى مثل ذلك يا حنظلة», ولم يُجِبْهُ أبو بكر لأن رسول الله > كان بين أظهرهم، فلم ير أبو بكر أن يجيب حنظلة، ولو أن حنظلة أتى أبا بكر بعد وفاة الرسول > لأجابه.
الفائدة الثانية: ويستفاد من حديث حنظلة أن من حَمَلَهُ الصدق على إظهار ما به، حصل له الشفاء، إما بأن يقال: «إن ما ظننته داء ليس بداء», وأما أن يُدَلَّ من الدواء على ما يزيل الداء, فحنظلة قيل له: «إن ما ظنته داءً ليس بداء».
الفائدة الثالثة: قول حنظلة لرسول الله >: «تذكرنا الجنة والنار حتى كأنا رأي عين», ولم يقل حتى نراها رأي عين؛ لما قدمناه أن الأنبياء يطالعون حقائق الأشياء، والأولياء يطالعون مثلها؛ فلذلك قال حنظلة: «كأنا رأي عين»، ولم يقل: حتى نراها رأي عين، كما قال حارثة: «وكأني أنظر إلى أهل الجنة»، ولم يقل: نظرت إلى أهل الجنة، وقد تقدم هذا من قبل.
الفائدة الرابعة: ينبغي أن يقلل الدخول في أسباب الدنيا ما أمكن؛ فهذا الصحابي يقول: «فإذا خرجنا من عندك عافسنا الضيعات والزوجات، نسينا كثيرًا», وقد قال رسول الله >: «إن قليل الدنيا يلهي عن كثير الآخرة».
وقال >: «ما طلعت شمس إلا وجنبها ملكانِ يناديان: أيها الناس، هلموا إلى ربكم؛ فإن ما قل وكفى خير مِمَّا كَثُرَ وألهى»([29]).
الفائدة الخامسة: قوله —: «لو تدومون على ما تكونون عليه عندي وفي الذكر؛ لصافحتكم الملائكة في طرقكم وعلى فرشكم»([30])، فيه إشارة إلى أن الدوام على تلك الحالة عزيز, وأَنَّ عدم دوام العبد على تلك الحالة لا يوجب معتبته؛ لما طبع عليه البشر من الغفلة, فكان على تلك الحالة كالمعثور.
الفائدة السادسة: كان الشيخ أبو العباس يقول: «لم يقل >: إن ذلك محال أن يكون؛ أعني ما رتب على تقدير الدوام»، وهو قوله >: «صافحتكم الملائكة في طرقكم وعلى فرشكم»؛ فقد يكون من أولياء الله يهبه الله ذلك.
الفائدة التاسعة: إنما خَصَّ الرسول الفرش والطرق؛ لأنَّ الفرش محل الشهوات، والطرق محل الغفلات, فإذا صافحتهم الملائكة في فرشهم وطرقهم، فمن الأحرى أن تصافحهم في محل طاعاتهم ومواطن أذكارهم.
الفائدة الثامنة: اقتضت حكمة الله تعالى ألَّا يستوي وقت كينونتهم عنده, ووقت ذكر ما سواهما، حتى يعرف عظيم قدر رتبة محاضرته, وعزازة الذكر، وجلالة منصبهما, وقد قال }: سمع النبي > أبا بكر يقرأ ويخفت صوته، وسمع عمر يقرأ ويرفع صوته؛ فقال لأبي بكر: «لم خفضت صوتك» قال: قد أسمعت من ناجيت. وقال لعمر: «لم رفعت صوتك؟» قال: أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان؛ فقال لآبي بكر: «ارفع قليلًا», وقال لعمر: «اخفض قليلًا», قال الشيخ: أراد أن يخرج كلًّا منهما عن إرادته لنفسه لمراد رسول الله > لهما.
وقال } في قوله >: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»([31]): أي لا أفتخر بالسيادة، وإنما الفخر لي بالعبودية.
وكان كثيرًا ما ينشد شعرًا:
يَا عَمْرُو نَادِ عَبْدَ زَهْرَاءِ
|
* | يَعْرِفْهُ السَّامِعُ وَالرَّائِي |
لَا تَدْعُنِي إِلَّا بِيَا عَبْدَهَا
|
* | فَإِنَّهُ أَشْرَفُ أَسْمَائِي |
وكان الشيخ أبو الحسن الشاذلي } يقول: «المؤمن في الدنيا أسير، ولا فكاك للأسير إلا بإحدى ثلاث: إما بالحيلة, وإما بالفدية, وإما بالعناية», وما ذكره الشيخ مأخوذ من قول رسول الله >: «الدنيا سجن المؤمن»([32])، قال أبو العباس في تفسير هذا الحديث: شأن
المسجون التحديق بعينه, والإصغاء بأذنيه متى يدعى فيجيب.
وقال }: «الأنبياء على أممهم عطيهْ، ونبينا محمد > هديهْ، وفرق بين الهدية والعطيهْ؛ لأن العطية للمحتاجين والهدية للمحبوبين»، قال النبي >: «إنما أنا رحمة مهداة»([33]).
قال في قوله >: «السلطان ظل الله في الأرض»: هذا إذا كان عادلًا, وأما إذا كان جائرًا فهو ظل النفس والهوى.
قال }: مات رجل من أهل الصُّفَّة، فوُجِدَ في شملته ديناران فقال النبي >: «كيتان من نار»([34]), قال الشيخ: وقد مات على عهد رسول الله > كثير من الصحابة وتركوا أموالًا؛ فما قال فيهم رسول الله > مثلما قال في هذا؛ لأنهم لم يبطنوا خلاف ما أظهروا, وهذا الذي كان من أهل الصُّفَّة أظهر الفاقة، وكان عنده هذان الديناران, فلما أظهر خلاف ما أبطن قال الرسول >: «كيتان من نار»، وقال في قوله > «التاجر الصدوق يحشر مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم القيامة»([35]).
قال: فبأي طريق يحشر مع هؤلاء؟
قال: يحشر مع الأنبياء؛ لأن شأنهم أداء الأمانة وبذل النصيحة؛ فيحشر مع الأنبياء بهذا الوصف، وهذا التاجر أدى الأمانة وبذل النصيحة.
ويحشر مع الصديقين؛ لأن الصديق شأنه الصفاء في الظاهر والباطن، وقد استوى ظاهره وباطنه، والتاجر الصدوق كذلك، فيحشر مع الصديقين بهذا الوصف.
ويحشر مع الشهداء؛ فإن الشهيد شأنه الجهاد، والتاجر الصدوق يباعد نفسه وشيطانه وهواه, فيحشر مع الشهداء بهذا الوصف.
ويحشر مع الصالحين؛ فإن الصالح شأنه أخذ الحلال وترك الحرام؛ فيحشر مع الصالحين بهذا الوصف.
([1]) متفق على صحته؛ رواه البخاري (1/168) (2/38), ومسلم (91), وأحمد في («المسند»، 2/439), والنسائي (8/222) , والترمذي (2391).
([3]) رواه مسلم رقم (1). والترمذي (3517), وأحمد في («المسند»، 5/342, 343)، والدارمي (1/167), والبيهقي في («السنن الكبرى»، 1/42), والهَيثمي في («موارد الظمآن»، 261, 2336, 2553), والسيوطي في («الدر المنثور» 1/12).
([7]) روه الطبراني في («المعجم الكبير»، 3/302), وابن أبي شيبة في («مصنف»، 11/43)، والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين»، 9/327), والسُّيوطي في («الدر المنثور»، 3/162), والهِندي في («كنز العمال» 36988, 3689, 36991), وابن كثير في («التفسير»، 3/552), وابن أبي شيبة في («الإيمان»، 115), وابن القيسراني في («تذكرة الموضوعات» 604).
([9]) رواه الزَّبِيدي في («إتحاف السادة المتقين»، 2/238), والسيوطي في («الدر المنثور»، 3/163)، وابن أبي شيبة في («الإيمان»، 114-115), والشَّجَري في («أمالي»، 1/32), وابن كثير في («التفسير»، 3/553), والعراقي في («المُغني عن حمل الأسفار»، 4/215), وأبو نُعَيْمٍ في («حلية الأولياء»، 1/242).
([10]) رواه ابن أبي شيبة في («مصنف»، 11/43), والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين»، 9/327), والمتقي الهندي في («كنز العمال»، 36990)، وابن أبي شيبة في («الإيمان»، 115).
([11]) رواه مسلم بن الحجاج في «صحيح مسلم»، وابن أبي شيبة في («الإيمان»، 10 رقم 52)، وابن حجر في («فتح الباري»، 1/228), والألباني في («السلسلة الصحيحة» 3/298).
([13]) رواه مسلم بن الحجاج، وابن أبي شيبة في («الإيمان»، 67)، المجتبى في («سنن النسائي»، 8/94), وأحمد في («مسند»، 3/103, 174, 230)، والهيثمي في («موارد الظمآن»، 285), وعبد الرزاق في («مصنف» 20320), والهيثمي في («مجمع الزوائد» 1/55), والمنذري في («الترغيب والترهيب»، 4/14), وابن حجر في («فتح الباري» 1/60, 72), والزَّبِيدي في («إتحاف السادة المتقين»، 5/547), وأبو نعيم في («حلية الأولياء» 1/27, 2/288).
([14]) رواه الطبراني في («المعجم الكبير» 17/304), والهيثمي في («مجمع الزوائد» 2/245)، وابن حجر في («فتح الباري»، 13/227), وابن أبي حاتم الرازي في («علل الحديث» 2855).
([21]) رواه العجلوني في («كشف الخفاء»، 1/493), والسيوطي الحلبي في («الدرر المنتثرهْ في الأحاديث المشتهرهْ»، 85).
([23]) رواه الهيثمي في («مجمع الزوائد» 10/246), والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين» 8/82), والطَّبَرَانِيُّ في («المعجم الكبير»، 19/350), والمتقي الهندي في («كنز العمال» 6075), والبغوي في («شرح السنة» 8/12), والمنذري في («الترغيب والترهيب»، 4/162), والبخاري في («التاريخ الكبير» 5/45), وأبو نعيم في («حلية الأولياء»، 2/64), والعجلوني في («كشف الخفاء»، 1/492).
([25]) رواه الحاكم في («مستدرك»، 4/311), والمتقي في («كنز العمال» 302), والسيوطي في («جمع الجوامع» 5992), والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين», 1/425, 10/ 255).
([27]) رواه مسلم («التوبة» 12), والزبيدي في («إتحاف السادة المتقين»، 9/216), وابن عساكر في («تهذيب تاريخ دمشق» 5/14).
([30]) رواه مسلم, والهيثمي في («مجمع الزوائد»، 10/308), والمتقي الهندي في («كنز العمال»، 10370), والزبيدي في («إتحاف السادة المتقين»، 9/216), والبغوي في («شرح السنة»، 1/167), والألباني في («السلسلة الصحيحة»، 1965).
([31]) رواه الحاكم في («المستدرك» 2/604), والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين»، 7/572), والمتقي الهندي في («كنز العمال»، 32040, 33682), والخطابي في («إصلاح خطأ المُحَدِّثِينَ»، 29).
([32]) رواه مسلم في («الزهد» و«المقدمة»، 1), والترمذي (2324), وابن ماجه (4113), وأحمد في («مسنده»، 2/197), والحاكم في («المستدرك» 3/604, 4/315), والهيثمي في («مجمع الزوائد»، 10/288, 289), والطبراني في («المعجم الكبير»، 6/289), والبغوي في («شرح السنة»، 14/296, 297), والزَّبِيدِيُّ في («إتحاف السادة المتقين» 7/412, 8/80, 393, 9/141, 10/227), والهيثمي في («مَوَارِدِ الظمآن»، 2488), والمنذري في («الترغيب والترهيب»، 3/137), والسيوطي في («الدر المنثور»، 3/238), والتبريزي في («مشكاة المصابيح»، 5158, 5249), والمتقي الهندي في («كنز العمال»، 6081, 6082, 29261).
([33]) رواه ابن كثير في («التفسير» 5/381), والبغوي في («شرح السنة»، 13/213), والتبريزي في («مشكاة المصابيح»، 2800), والزبيدي في («إتحاف السادة المتقين»، 7/162), وابن كثير في («البداية والنهاية»، 6/299), والسيوطي في («الدر المنثور»، 4/342), والبيهقي في («دلائل النبوة»، 1/158), والآجري في («الشريعة»، 458), وابن سعد في («الطبقات الكبرى»، 1/128), وابن أبي شيبة في («مصنفه»، 11/504), وابن عساكر في («تهذيب تاريخ دمشق» 1/66), وابن حجر في («لسان الميزان» 5/233), وابن عدي في («الكامل في الضعفاء» 4/1546).
([34]) رواه أحمد في («مسند» 1/137), الهيثمي في («مجمع الزوائد»، 3/41, 125, 10/240, 241), والطبراني في («المعجم الكبير»، 8/148), والهيثمي في («موارد الظمآن»، 2481), وعبد الرزاق في («مصنف»، 1649), وابن أبي شيبة في («مصنف»، 3/372), والدولابي في («الكنى والأسماء»، 1/164)، والسيوطي في («الدر المنثور»، 2/57), والزَّبِيدِي في («إتحاف السادة المتقين»، 9/905).
([35]) رواه الترمذي (1209), والدارمي (2/247), والسيوطي في («الدر المنثور»، 2/144), والمتقي الهندي في («كنز العمال»، 9217), والسيوطي في («جمع الجوامع»، 10351), والتبريزي في («مشكاة المصابيح»، 2796, 2797), والمنذري في («الترغيب والترهيب»، 2/585), والبغوي في («شرح السنة» 8/4).