الفيروزآبادي والزبيدي مع الأقطاب
بعض المصابين بداء كراهية أئمة الإسلام السابقين لا يفتأ بحقد أسود أزرق يشغب على الإمام السيوطي، وبخاصة فيما ناصر به السادة الصوفية رضى الله عنهم، ثم بالأخص في قضية الأقطاب، وهنا نضيف إلى هذا الإجمال ما جاء عن الإمامين العظيمين الفيروزآبادي والزبيدي فنقول:
في القاموس المحيط للفيروزآبادي يقول ما نصه (بدل) والأبدال قوم بهم يقيم الله -عز وجل- الأرض، وهم سبعون: أربعون بالشام، وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مكانه آخر.
نقول: ومعنى يقيم الله بهم الأرض أي يرأف بالعباد ويلطف بهم ببركة هؤلاء وصلواتهم ودعائهم.
والفيروزآبادي صاحب القاموس هو: قاضي القضاة محمد بن يعقوب، وتشهد الدنيا أنه ليس من أهل الخرق والمخرقة، بل من أئمة المحققين. ولا يتهم بالتشيع للصوفية، وإن كان الشوكاني في البدر الطالع قال إنه أكثر النقل عن ابن عربي في شرحه للبخاري، وذلك أن الحق هنا هو الحق هناك.
دخل الديار الشامية والمصرية، وطاف البلاد الشرقية والشمالية، وختم بالأقطار الحجازية. ودخل الهند وما والاها. واعتنى بالحديث أعظم عناية. ومن تصانيفه: تسهيل الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول، وشرح مطول للبخاري، بلغ عشرين سفرًا طويل الذيول، كثير الغرائب والشوارد والنقول، وكتاب الصِّلات والبِشَر في الصلاة على خير البشر.
ولم يدخل بلدًا إلا أكرمه سلطانها. وأخذ عنه الحافظ ابن حجر أمير المؤمين في الحديث، وكان بينهما محاوات، ومكاتبات، ومطارحات، ومباريات. وسمع منه المسلسل بسماعه من شيخ الإسلام التقي السبكي. وشدت إليه الرحال من أكثر الأقاليم، وكان مرجع عصره في اللغة، والحديث، والتفسير. وله: بصائر ذويي التمييز، والدرر الغوالي في الأحاديث العوالي، و...
وقد وافقه شارحه صاحب تاج العروس على ما قاله عن الأبدال. وشارح القاموس هو: السيد محمد بن محمد بن محمد الحسيني المشهور بالشيخ مرتضى الزبيدي. علامة اللغة، والحديث، والرجال، والأنساب. كاتبه ملوك الحجاز، والهند، واليمن، والشام، والعراق، والمغرب الأقصى، والترك، والسودان، والجزائر. وكان يحسن التركية والفارسية، وشيئًا من لسان الكرج. وهو من كبار المصنفين في الحديث والتصوف واللغة وغيرها. ولم يتهم بتخريف، ولا انحراف، ولا تشيع.
فَمَنْ مِنَ المنكرين اليوم للأبدال يرقى إلى هذاالمستوى المعجز؟ رحم الله امرأ عرف قدر نفسه.
قضية الأقطاب بين العقلانية والربانية