خاتمة ودعاء
خاتمة ودعاء(*)
أردنا أن نختم هذا الكتاب بدعاء مناسب لما الكتاب موضوع له وهو([1]):
«اللهم إنا نسألك أن تصلي على سيدنا محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين؛ إنك حميد مجيد.
اللهم اجعلنا من المستسلمين إليك، ومن القائمين بين يديك، وأخرجنا من التدبير معك أو عليك، واجعلنا من المفوضين إليك.
اللهم إنك قد كنت لنا من قبل أن نكون لأنفسنا؛ فكن لنا بعد وجودنا كما كنت قبل وجودنا، وألبسنا ملابس لطفك، وأقبل علينا بجنابك وعطفك، وأخرج ظلمات التدبير من قلوبنا، وأشرق نور التفويض في أسرارنا، وأشهدنا حسن اختيارك لنا؛ حتى يكون ما تقتضيه فينا وتختاره لنا أحب إلينا من مختارنا لأنفسنا.
اللهم لا تشغلنا بما ضمنت لنا عَمَّا أمرتنا، ولا بشيء أنت ضامنه لنا عن شيء أنت طالبه مِنَّا.
اللهم إنك دعوتنا إلى الانقياد إليك، والدوام بين يديك، وإِنَّا عن ذلك عاجزون إلا أن تقدرنا، وضعفاء إلا أن تقوينا، ومن أين لنا أن نكون في شيء إلا إن كَوَّنْتَنَا!.
وكيف لنا أن نصل لشيء إلا إن وصلتنا! وأنى لنا أن نقوى على شيء إلا إن أعنتنا! فوفقنا لما به أمرتنا، وأَعِنَّا على الانكفاف عَمَّا عنه زجرتنا.
اللهم ادخلنا رياض التفويض وجنات التسليم، ونعمنا بها وفيها، واجعل أسرارنا معك لا مع نعيمها ولذتها، ولذذنا بك لا بزينتها وبهجتها.
اللهم أشرق علينا من أنوار الاستسلام إليك والإقبال عليك، ما تبتهج به أسرارنا، وتَتَكَمَّلُ به أنوارنا.
اللهم إنك قد دَبَّرْتَ كل شيء قبل وجود كل شيء، وقد علمنا أنه لن يكون إلا ما تريد، وليس هذا العلم نافعًا لنا إلا أن تريد، فردنا بخيرك، وارفع شأننا بفضلك، واقصدنا بعنايتك، وحفنا برعايتك، واكسنا من ملابس أهل ولايتك، وأدخلنا في وجود حمايتك؛ إنك على كل شيء قدير.
اللهم إنا علمنا أن حكمَك لا يعاند، وقضاءَك لا يضادد، وقد عجزنا عن ردنا ما قضيت ودفع ما أمضيت، فنسألك لطفًا فيما قضيت، وتأييدًا فيما أمضيت، واجعلنا في ذلك مِمَّنْ رعيت يا رب العالمين.
اللهم إنك قد قسمت لنا قِسَمًا أنت موصلها لنا، فوصلنا إليها بالهناء والسلامة من العناء، مصانين فيها من الحجة، محفوفين فيها بأنوار الوصلة، نشهدها عنك فنكون لك من الشاكرين، ونضيفها لك ولا نضيفها لأحد من العالمين.
اللهم إنَّ الرزق بيدك، رزق الدنيا ورزق الآخرة، فارزقنا منها ما علمت فيه المصلحة لنا، والعود بالجدوى علينا.
اللهم اجعلنا من المختارين لك، ولا تجعلنا من المختارين عليك، ومن المفوضين لك لا من المعترضين عليك.
اللهم إنا إليك محتاجون فأعطنا، وعن الطاعة عاجزون فأقدرنا، وهب لنا قدرة على طاعتك، وعجزًا عن معصيتك، واستسلامًا لربويتك، وصبرًا على أحكام إلهيتك، وعزًّا بالانتساب إليك، وراحة في قلوبنا بالتوكل عليك، واجعلنا مِمَّنْ دخل ميادين الرضا، وكَرَعَ من تسليم التسليم، وجنى من ثمار المعارف، وألبس خلع التخصيص، وأتحف تحفة القرب، وفوتح من حضرة الحب، دائمين على خدمتك، محققين لمعرفتك، متبعين لرسولك، وارثين عنه، وآخذين منه، ومحققين به، وقائمين بالنيابة عنه، واختم لنا منك بخير يا رب العالمين([2]).
وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا». اهـ.
([2]) تنبيه: جاء في نسخة «فروينه» المخطوطة بعد قول المؤلف رضي الله عنه ورحمه: «واختم لنا منك بخير يا رب العالمين» ما يلي: «آمين ثلاثًا، تم الكتاب المبارك بحمد الله وعونه وهو كتاب «التنوير في إسقاط التدبير» على يد العبد الفقير إلى رحمة ربه إبراهيم بن عبد الله بن فروينه، غفر الله له ولوالديه ومن يدعو له، تأمين الملائكة على دعائه له بمثله، وذلك لِسِتٍّ بقين من شهر شعبان المكرم، سنة ثمان وستين وسبعمئة، أحسن الله خاتمتها، آمين، آمين، آمين يا رب العالمين، والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد وآله، حسبنا الله ونعم الوكيل». اهـ.
ويشاء الله تعالى أن يتم تحقيق هذا الكتاب المبارك لِسِتٍّ بقين من شهر شعبان المكرم أيضًا، وهذا من توفيق الله سبحانه.
محتويات الكتاب