الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر في الحلى ولو كانت كثيرة فنحن نقتصر منها على خمسة وهى الخاتم والمربط والعقد والشمسة والخلخال فإذا عرفتها قست عليها ما سمعته من غير ذلك:
الخاتم: يؤوله الناسك بما يختم به على أعماله لأن الأعمال بالخواتيم ويسوغ أن يؤوله السالك بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه خاتم الأنبياء ويؤوله المحب بيمين محبوبه ويده لأن اليد محل الخاتم ويؤوله المجذوب بمقام ختم الولاية ويسوغ أن يؤوله بالقدرة لأن الخاتم من العادة محلها اليد وقد كنى الله تعالى باليد عن القدرة في كتابه فقال: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)
المربط: يؤوله الناسك بالمرابطة على عبادة الله تعالى والصبر والتقوى قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ويؤوله السالك بهذا الارتباط الذى بين السر الإلهي وبين العبد كما أشار إليه الحديث في قوله: (أنا من الله والمؤمنون منى) فالنبي صلى الله عليه وسلم واسطة رابطة بين الله وعبده ويسوغ أن يؤوله المحب بالمحبة لارتباطه بالمحبوب يسببها ويسوغ أن يؤوله المجذوب بالجمال لأن ارتباط نظام العالم به فلولا ظهور جمال الله تعالى وجلاله في الوجود لما كان للوجود أثر.
العقد: يسوغ أن يؤوله الناسك بحسن الاعتقاد في الله تعالى ويؤوله السالك بالولاية ويحمل أن يؤوله بالشرائع لأنه العقد الذى عقده النبي صلى الله عليه وسلم ويسوغ أن يؤوله بلواء الحمد المعقود باسم النبي صلى الله عليه وسلم ويسوغ أن يؤوله بالميثاق ويوم أخذ الله العهد من بنى آدم بقوله (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) ويؤوله المحب بما عقد له الحبيب به من أمر وعود وأشباهها ويؤوله المجذوب بالأسماء الحسنى التسعة والتسعين مع الاسم الأعظم الذى هو تمام المائة فإن المائة عقد في العدد.
الشمسة: يؤولها الناسك بما ورد في الحديث من قوله: (أن أهل الجنة يكونون غرا محجلين) فيؤول الشمسة بالغرة يوم القيامة ويؤولها السالك بالمراقبة لأن شمس نورها ساطع من القلب ويؤولها المحب بصفات المحبوب وأخلاقه حملاً على إنها نور يستضاء به كالشمس ويؤولها المجذوب بتجليات الجلال كما سبق بيانه في ذكر الشمس والقمر في موضعها.
الخلخال: يؤولها الناسك بالأحجال الحاصلة من أثار الوضوء جزاء يوم القيامة كما قال عليه السلام فيما ورد عنه: (أن أمتى يدعون يوم القيامة غرا محجلين من أثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل) ويسوغ أن يؤولها السالك بالقدم الصدق في طلب الله تعالى لأن الخلخال محلة القدم ويسوغ أن يؤوله بالأقدام في المجاهدات ويسوغ أن يؤوله بالتقدم وللسباق إلى الله تعالى ويؤوله المحب (....) محبوبه وفى الجناب الإلهي يؤول القدمين هنا بما يؤوله في الحديث حيث قال: (قدماه متدليتان على الكرسي) وقد أشار بعض العارفين في تأويل ذلك إلى أنه هو انقسام أسماء الأفعال إلى الرضا والغضب والنعمة والنقمة وأمثال ذلك وهو الذى يسوغ تأويله لأن الله تعالى منزه عن الجارحة سبحانه ويؤوله المجذوب الخلخال بتخلل أنوار القرب ذات العبد ليكون من مقام الخلد نصيب وهم الذين يكونون في الدنيا على قلب إبراهيم الخليل صلوات الله عليه.