الكلمة الثانية والثلاثون البقاء
هو عبارة عن صفة إلهية يتصف بها العبد بعد فنائه عن نفسه وقد تقرر أن الفاني محجوب بالله عن وجود نفسه فالباقي حينئذ مكاشف غير محجوب يرى نفسه ويرى ربه والناس في مقام البقاء على درجات فمنهم من هو مع الله بصفة أو صفتين ومنهم من هو معه بصفات كثيرة فمنهم من هو معه بأسماء المراتب ومنهم من هو معه بالجمال ومنهم من هو معه بالجلال ومنهم من هو معه بالكمال فمن كان معه بصفة أو صفتين لا يشترط فيه زوال سائر أحكام البشرية من كل جهة بل يكفى ذلك إذا فنى هو عنها بغيبوبة في الله فإنه إذا تحققت غيبوبته تجلى الله له فيما غيبه عنه فيرجع إلى نفسه بالله ويعرف نفسه بغير تلك المعرفة التي كان يعرفه بها في مقام الفناء لأنه كان يعرف نفسه بالعدم فصار يعرفها بالوجود المطلق وسببه ظهور الحق له فيها من غير حلول فلأجل ذلك يبقى ببقاء الله لأن أمره إذا ذاك منسوب إلى الله فهو الباقي وأما من يكون مع الله بالكمالات الإلهية فشرطه زوال أحكام البشرية وأثارها كما سبق بيانه.