الكلمة التاسعة والثلاثون العجز
هو نهاية أهل النهايات وغاية الترقي إلى الغايات ليس ورآه لكامل مرمى ولا بعده لأكمل مرقى فيه يقول سيد أهل هذا المقام عليه أفضل الصلاة والسلام: (لا أحصى ثناء عليك) ويقول خليفته ذو التحقيق أبو بكر الصديق رضى الله عنه: (العجز عن درك الإدراك إدراك)
اعلم وفقك الله أن هذا العجز ليس بالعجز المذموم الذى يسبق إلى فهوم المحجوبين بل أنه عبارة عن غاية الكمال فإن الكامل إذا تحقق بالحقائق الإلهية وترقى في مقام الاستواء بالحضرة العلمية تتجلى له ذاته الأقدسية بما هى عليه من الكمالات التي لا نهاية لها فيعلم بالضرورة أن تلك الكمالات لا تتجلى إلا في تلك الحضرة الكنهية ولا سبيل إلى بروزها من تلك الحضرة الغيبية إلى هذا العالم الوجودي العيني لأن تلك الحضرة هى المسماة بحضرة الحضرات وبمقام أو أدنى فباقي الحضرات كلها تنشئ من هذه الحضرة الكبرى فلا سبيل إلى أن تجمعها حضرة من الحضرات التي نشأت منها لأن كل حضرة من حضرات الوجود بما عليه من الشأن الحقي أو الأمر الخلقي شعبة من شعب هذه الحضرة الكبرى ونهاية ما تجمع الشعبة ما هى الشعبة عليه فلا سبيل إلى درك تلك الحضرة الكبرى لحضرة من الحضرات وذلك هو العجز المشار إليه فلا سبيل إلى درك هذا العجز عن هذا الإدراك إلا بعد الإدراك الإلهي الإلى (....) في حضرة الحضرات فلأجل هذا كان العجز أدراك محققاً وهذا كلام لا يفهمه إلا الكمل من أهل الله المتحققين بمقام العبودة.