العاقل من عَرَفَ مرادَ الله تعالى منه
كثير من أنفق الدنانير والدراهم ولكن من أنفق الروح قليل.
الأحمق من مات ولدُه وجعل يبكي عليه ولا يبكي على ما فاته من الله؛ فكأنَّه يقول بلسان حاله: أنا أبكي على ما كان يشغلني عن ربي. بل كان ينبغي له الفرح بذلك ويقبل على مولاه؛ لأنه أخذ منه ما كان يشغله عنه.
وقبيح منك أن تَشِيبَ وأنت طفل العقل صغيره، ولا تفهم مراد الله منك.
فإن كنت عاقلًا فابكِ على نفسك قبل أن يُبكى عليك؛ فإن الزوجة والولد والصَّديق والخادم لا يبكون عليك إذا مت؛ بل يبكون على ما فاتهم منك، فسابقهم أنت بالبكاء وقل: يحقُّ لي أن أبكي على فوات حظي من ربي قبل أن يبكوا عليَّ.
كفى بك جهلًا أن يعامِلُكَ مولاكَ بالوفاء وأنت تعامله بالجفاء.
ليس الرجل من صاحَ بين الناس في المجلس، إنما الرجل من صاح على نفسه وردَّها إلى الله تعالى.
من عَالَ هَمَّ الدنيا وتَرَكَ هَمَّ الآخرة كان كمن جاءَه أسد يفترسه، ثم قرصه برغوث فاشتغل به عن الأسد؛ فإن من غفل عن الله تعالى اشتغل بالحقير، ومن لم يغفل عنه لم يشتغلْ إلا به.
فأحسَنُ أحوالِكَ أن تفوتَكَ الدُّنْيَا لتحصيلِ الآخرة، وطَالَمَا فاتَتْكَ الآخرة لتحصيل الدنيا، ما أقبحَ الخوف بالجندي! وما أقبح اللَّحن بالنَّحويِّ! وما أقبح طلب الدنيا لمن يظهر الزهد فيها!.
التربية بالنظر