منزلة الصحابة
وما ظَنُّكَ بقومٍ اختارهم الله لصحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولمواجهة خطابه في تنزيله.
فما أحدٌ من المؤمنين إلى يوم القيامة إلا وللصحابة في عنقه مننٌ لا تُحْصَى وأيادٍ لا تنسى؛ لأنَّهُم هُمُ الذين حملوا إلينا عن النبي صلى الله عليه وسلم الحِكَم والأحكام، وبينوا الحلال من الحرام، وفهموا الخاص والعام، وفتحوا الأقاليم والبلاد، وقهروا أهل الشرك والعناد، ويحق قوله صلى الله عليه وسلم فيهم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»، وقد وصفهم الله بآية أخرى بأوصاف إلى أن قال: ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا﴾([1]).
دَلَّ ذلك من قوله سبحانه أنَّهُم ما ابتغوا بما حملوه من الدنيا ولم يقصدوا بذلك إلَّا وَجْهَ الله الكريم وفضله العميم، وقال سبحانه في آيةٍ أخرى: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآَصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾([2]).
ولم ينفِ عنهم الأسباب، ولا التجارة، ولا البيع، ولا الشراء، فلا يخرجهم عن المِدْحَةِ غناهم إذا قاموا فيه بحقوق مولاهم.
الدنيا في أيديهم وليست في قلوبهم