عبدَنا، شارِكِ الملائكةَ في حلاوة ذكرنا
إياك أن تخرج من هذه الدار وما ذقت حلاوة حبه، ليس حلاوة حبه في المآكل والمشارب؛ لأنَّه يشاركك فيها الكافر والدابة، بل شارك الملائكة في حلاوة الذكر والجَمْع على الله تعالى([1])؛ لأنَّ الأرواح لا تحتمل رشاش النفوس([2])، فإذَا انغمست في جيفة الدنيا لا تصلح للمحاضرة؛ لأن حضرة الله تعالى لا يدخلها المتلَطخون بنجاسة المعصية.
وطهِّرْ نفسَكَ من العيب يفتح لك باب الغيب، وتُبْ إلى الله، وارجع إلى الله بالإنابة والذكر.
من أَدَامَ قرعَ الباب يفتح له، ولولا الملاطفة ما قلنا ذلك لأنَّه كما قالت السيدَةُ رابعة: تقول في اليوم عسى، وفي غدٍ منه لعل، من قرع الباب دخل، ومتى أغلق هذا الباب حتى يفتح؟ ولكن هذا بابٌ يوصلك إلى قربه.
وإياك وذهولَ القلب عن وحدانية الله تعالى، فأول درجات الذاكرين استحضار وحدانيته، وما ذكره الذاكرون وفتح عليهم إلا باستحضارهم ذلك، وما طردوا إلا بذكرهم مع غلبة الذهول عليهم، وتستعين على ذلك بقمع الشهوتين: البطن والفرج، ولا يضادك في اللهِ إلا نفسك.
وما أكثر تودُّدَكَ للخلق، وما أقلَّ تودُّدَكَ للحقِّ، لو فتح لك باب التودُّدِ مع الله لرأيت العجائِبَ.
ركعتان في جوف الليل تودُّدٌ.
عيادتك المرضى توددٌ.
صلاتك على جنازة توددٌ.
الصدقة على المسكين تودُّدٌ.
إعانتك لأخيك المسلم تودُّدٌ.
إماطَتُكَ الأذى عن الطريق تودُّدٌ، ولكن السيف المطروح يحتاج إلى ساعة.
منزلَةُ الذِّكْرِ