من الإيمان أن تشهد أن الأشياء كلها من عند الله تعالى
إذا ظلمك قوي (المخلوق) فارجع إلى القوي (أي إلى الله تعالى) ولا تخف منه فيسلَّط عليك.
مثال من يشهد الأضرار من المخلوقين كمَنَ ضرب الكلب بحجر، فأقبل الكلب على الحجر يعضه ولا يعرف أن الحجر ليس بفاعل، فيكون هو والكلب سواء.
ومثال من يشهد الإحسان من المخلوقين كالدابة إذا رأت سائسها بصبصت بعينها، ويدنو إليها مالكها فلا تلقي إليه بالًا.
فإن كنت عاقلًا فاشهَد الأشياء من الله عزَّ وجلَّ ولا تشهدها من غيره.
ليس التائِهُ من تاهَ في بَرِّيَّةٍ إنَّمَا التائِهُ من تَاهَ عن سبيلِ الهدى، يطلب العز من الناسِ ولا يطلُبُه من اللهِ، ومن طلبه من الناس فقد أخطأ الطريق، ومن أخطأ الطريق لم يزِدْهُ سيرُه إلا بُعدًا، فهذا هو التَّائِهُ حَقًّا.
إذا قلت: لا إله إلا الله؛ طالبك اللهُ بها وبحَقِّهَا، وهو ألا تنسب الأشياء إلا إليه.
مثال القلب إذا أسلَمْتَهُ إلى النَّفس كمن تَعَلَّقَ بغَرِيقٍ فغَرِقَ كل واحدٍ منهما، ومثال النَّفْس إذا سلَّمْتَهَا للقَلْبِ كَمَنْ أسلَمَ نفسه إلى عَوَّامٍ قوي، فسلمها له، فلا تكن مِمَّنْ أسلَمَ قلبَه إلى نفسه، هل رأيت بصيرًا يقلد نفسه إلى أعمى يقوده؟.
إنْ أَمْكَنَكَ أن تصبح وتمسي وما ظلمتَ أحدًا من العباد فأنت سعيد، فإن لم تظلِمْ نَفْسَكَ فيما بَيْنَكَ وبينَ الله فقد تكمَّلَتْ لَكَ السعادة، فأغلِقْ عينيك، وسُدَّ أُذُنَيْكَ، وإياكَ إياكَ وظلم العباد.
ما مثالُكَ في صغر عقلك وكونك لا تعلم ما عليك من الملابس إلا كالمولود تكسوه أمه أحسن الملابس وأفخرها وهو لا يشعر، وربما دنَّسها ونجَّسها فتسرع إليه أمه وتكسوه أخرى؛ لئلا يراه الناس كذلك، وتغسل ما تَنَجَّسَ وهو لا يعلم ما فعل به لصغر عقله.
مناجاة الله سبحانه ألذُّ ما في هَذِهِ الدُّنْيَا