سَبَبُ الكَرَامَاتِ
كانوا رضي الله تعالى عنهم لا يدخلون في شيء بنفوسهم ولكن من الله وبالله.
إنَّ المسافة بَعُدَتْ بين الأولياء والصحابة فجعلت لهم الكرامات جبرًا لما فاتهم من قرب المتابعة التامة؛ فإن من النَّاسِ من يقول إن الأولياء لهم الكرامات، والصحابة لم يكن لهم ذلك؛ بل واللهِ كان لهم الكرامات العظيمة لصحبتهم له صلى الله عليه وسلم، وأي كرامة لهم أعظم منها؟!.
واعلم أن كل صلاة لا تَنْهَى صاحِبَهَا عن الفحشاء والمنكر لا تسمَّى صلاة؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ﴾([1])، وأنت تخرج من الصلاة ومن مناجاة الحق سبحانه وتعالى في قوله تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾([2])، ومن مناجاة الرَّسول صلى الله عليه وسلم، في قولك: السَّلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وهذا في كل صلاة ثم تخرُجُ إلى الذنوب بعد هذه النعم التي أنعم الله بها عليك.
عن الشَّيخِ أبِي الحسن الشَّاذلي -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يحضر عنده فقهاء الإسكندرية والقاضي، فجاءوا مَرَّةً مختبرين للشيخ، فتفرَّسَ فيهم، وقال: يا فُقَهَاءُ، هل صليتم قط؟ فقالوا: يا شيخ، وهل يترك أحدنا الصلاة؟!، فقال لهم: قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الخَيْرُ مَنُوعًا (٢١) إِلَّا المُصَلِّينَ﴾([3]). فهل أنتم كذلك؟ إذا مسكم الشر لا تجزعوا، وإذا مسكم الخير لا تمنعوا؟ قال: فسكتوا جميعًا، فقال لهم الشيخ: فما صليتم قَطُّ هذه الصلاة.
إن تَفَضَّلَ عليكَ بالتوبَةِ فتُبْتَ إليهِ، فمن فضله سبحانه أنك تذنب سبعين مرة فتتوب إليه في نَفَسٍ واحد فيمحو ما عملته في تلك المدَّةِ، «التائب من الذنب كَمَنْ لا ذَنْبَ لَهُ» ([4])، فالمؤمن كُلَّمَا ذَكَرَ ذَنْبَهُ حزن، وكلما ذكر طاعته فرح، قال لقمان الحكيم: المؤمن له قلبان يرجو بأحدهما ويخاف بالآخر، يرجو قبول عمله ويخاف ألا يقبل منه، لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا.
كيفية الجمع على الله