أَثَرُ الصلاة
عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه أنَّه قال: كِلْ نفسَكَ وزِنْهَا بالصلاة، فإن انتهت عن الحظوظ فاعلم أنك سعدت، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ﴾([1])، وإلا فابكِ على نفسِكَ.
إذا جَرَرْتَ رِجْلَكَ إلى الصَّلَاةِ جرًّا، فهل رأيت حبيبًا لا يريد لقاء حبيبه؟!.
فمَنَ أرادَ أن يعرف حقيقَتُه عند الله وينظر حاله مع الله فلينظر إلى صلاته، إمَّا بالسكون والخشوع، وإما بالغفلة والعجلة، فإن لم تكن بالوصفين الأولين فاحثُ التراب على وجهك ورأسك؛ فإنه من جالس صاحب المسك عَبَقَ من ريحه عليه، فإن الصلاة مجالَسُة الله تَعَالى فإذا جالسته ولم يحصل لك منه شيء؛ دلَّ ذلك على مرض فيك؛ وهو إمَّا كبرٌ أو عجبٌ أو عدمُ أدب، قال تعالى: ﴿سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ﴾([2]).
فلا ينبغي لمن صلَّى أن يسرع الخروج، بل يذكر الله تعالى ويستغفره من تقصيره فيها، فرُبَّ صلاةٍ لا تصلح للقبول، فإن استغفرت الله تعالى بعدها قبل كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى استغفر ثلاث مرات.
كم فيك من الكوامن فإذا وردت عليها الواردات أظهرتها؛ وأعظمها ذنبًا الشك في الله، والشك في الرزق شك في الرَّزاق.
الدنيا أصغر من أن يُعَالَ هَمُّهَا، صغرت الهِمَمُ فعالت([3]) صغيرًا، فلو كنت كبيرًا لعُلْتَ الكبير، من عال الهَمَّ الصغير وترك الهم الكبير (استسفلنا) عقله.
قم أنت بما يلزمك من وظائِفِ العبودية وهو يقوم لك بما التزمه، أيرزق الجملَ والوزغَ ونباتَ وردان وينسى أن يرزقك، قال الله تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾([4]).
كل من كان مراعيًا لحَقِّ الله تعالى لا يُحدث الله سبحانه وتعالى حدثًا في المملكة إلا أعلمه.
نظر بعضُهُم إلى جماعَةٍ فقال لَهُم: هل فيكُم من إذا أحدث الله سبحانه وتعالى في المملكة حدثًا أعلمه؟ قالوا: لا. فقال لهم: ابكوا على أنفسكم.
([1]) من الآية [45]، من سورة العنكبوت وتمامها ﴿... إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ الآية.
الشكر وصلاح النفس