جنابة الظاهر والباطن
للظاهر جنابة تمنعك من دخول بيته وتلاوة كلامه، وللباطن جنابة تمنعك من دخول حضرته وفهم كلامه، وهي الغفلة، فإذا طلبت النفس الشهوات فألجِمْهَا بلجام الشرع، فمثالها كالدَّابَّة إذا مالت لزرع غيرك.
فغُضَّ البصر عن ميله إلى المستحسنات، والقلب عن ميله إلى الشهوات، وليَكُنْ قلبُكَ معمورًا بذكر الله على الدوام، فالحَقُّ سبحانه اختار لحضرته من يصلح لها، ومن لا يصلح لها رماه للكائنات، فمثالها كالعبيد يعرضون على الملك، فمن صلح للملك عزَّ، ومن لا يصلح بقي للرعية.
ما أتيت لموطن حكمةٍ أو معصيةٍ إلا وفي عُنُقِكَ سلسلة نورانية أو ظلمانية، فإن كنت لا تشهدها أنت فغيرك يشهدها، ألا ترى أن الشمس يشهدها الناس أجمعون إلا من كان أعمى.
ما فائدة العلم إلا العمل به، مثاله كملك كتب إلى نائبه (بثغر) كتابًا، فما فائدة الكتاب أن تقرأه فقط، إنما (فائدتنا)([1]) العمل بما فيه.
مثال من يشتغل بالعمل وليس له بصيرة كمثل مئة ألف أعمى سلكوا طريقًا متحيرين فيها، فلو كان فيهم واحد بعين واحدةٍ لتبعه الناس وتركوا مئة ألِف أعمى.
ومثال العلم مع ترك العمل كالشمعة تضيء للناس بإحراق نفسها.
علمٌ فيه الغفلة عن اللهِ، الجهلُ خيرٌ منه.
مجالس الناس