إلى الله المنتهى
ما أحد يصحبك لينفعك، وكل من يصحبك إنما يصحبك لنفسه، إنما تحبك الزوجة لتجتنى منك مطايب العيش والملابس، وكذلك الولد يقول: أشدُّ بك ظهري، فإذا كبرت ولم يبقَ منك قوة ولا بقيَّة رفضوك وتركوك.
لو انقطعت عن الخلق لفتحَ لَكَ بابَ الأنس به تعالى؛ لأنَّ أولياءَ الله قهروا أنفسَهُم بالخلوة والعزلة فسمعوا من الله، وأنسوا به، فإن أردت أن تستخرج مرآة قَلْبِكَ من الأكدارِ فارفض ما رفضوا، وهو الأنس بالخلق.
وأيش([1]) جرى لفلان، واتفق لفلان، ولا تقعد على أبواب الحارات، فمن استعدَّ استمدَّ، فإذا هيأك للاستعداد فتح لك باب الاستمداد، ومن أحسن قرع الباب فتح له، فرُبَّ طالبٍ أساءَ قرع الباب فرُدَّ لسوء أدبه ولم يُفتح له.
وأكثر ما أوتي العباد من قلة الصمت، فلو نفرت إلى الله لسمعت مخاطبته على الدوام، في سوقك، وفي بيتك، ولكنَّ من استيقظ شهد، ومن نام لم تسمع أُذُنَا قلبه، ولم تشهد بصيرته ولكن الحجاب مرخي.
ولو أنَّ العبادَ فطِنُوا لم يقبلوا إلا على الله، ولم يجلسوا إلا بين يديه، ولم يستفتوا غيره؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَإِنْ أَفْتَوْكَ»؛ لأن الخواطِرَ الإلهيَّةَ تأتي من الله تعالى فهي عن (استفتائه)([2])، وربما أَخْطَأَ المفتي والقلب لا يقبل الخطأ، وهذا مخصوصٌ بالقلوب الطاهرة، وإنما يُسْتَفْتى عالم، ولا علم لمن غفل عن الله تعالى.
سَبَبُ الكَرَامَاتِ