صحبة الحقِّ سبحانه
كفى بك جهلًا أن تتردد إلى باب المخلوق وتترك باب الخالق! فقد ارتكبت المعاصي من كل جانب، أفلا تكون محزونًا على نفسك؟.
والعجبُ كل العجبِ من عبدٍ يقبل على نفسه ولا يأتِيهِ الشر إلا منها، ويترُكُ صحبة اللهِ ولا يأتيه الخير إلا منه، فإن قيل لك: كيف صحبتك لله؟ فاعلم أن صحبة كلِّ شيء على حسبه، فصحبتك لله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وصحبة الملكين بأن تمْليهما الحسنات، وصحبة الكتاب والسنة أن تعمل بهما، وصحبتك السماء بالتفكير فيها، وصحبتك الأرض بالاعتبار بما فيها.
فليس من لازِمِ الصحبة وجودُ الرتبة، فالمعني في صحبة الله أياديه ونعمه، فمن صحب النعم بالشكر وصحب البلاء بالصبر، وصحب الأوامر بالامتثال والنواهي بالانزجار والطاعة بالإخلاص، فقد صحب الله تعالى، فإذا تمكنت الصحبة كانت خُلَّةً، وإياك أن تقول: ذهب الخير وطوي بساطه. فلسنا نريد من يقنِّطُ الناس من رحمة الله ويؤيسهم من الله؛ ففي زبور داود عليه السلام «أرحم ما أكون بعبدي إذا أعرض عني» فرُبَّ مطيعٍ هلك بالعجب، ورُبَّ مذنبٍ سبقت له السعادة غفر له بسبب كسر قلبه.