المصلي يناجي الله ورسوله
إذا دخلتَ في الصلاة فإنك تناجي الله سبحانه وتعالى، وتكلِّمُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّكَ تقولُ: السلامُ عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبي ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكاته، ولا يقال: أيُّهَا الرَّجُلُ. عند العرب إلا لمن يكون حاضرًا.
من لم يُلزم نفسه ألزَمَتْهُ، ومن لم يطالبها طالبته، فلو جعلت عليها الأثقال بالطاعة لَمَا طالبتك بالمعصية ولما كنت تتفرغ لها، هل رأيت الصالحين والعباد يتفرجون في الأعياد؟!.
من شغل نفسه بالمباحات والفرح شُغِلَ عن قيام الليل فيقال له: شغلت نفسك عَنَّا فشغلناك عن عبادتنا.
ركعتان بالليل خيرٌ من ألفٍ بالنهار، وأنت لا تصلي فيه ركعتين فتجد ذلك في ميزانك، وهل يُشْتَرَى العبد إلا للخدمة؟.
هل رأيت عبدًا يُشترى ليأكل وينام؟ ما أنت إلا عبدٌ اشْتُرِيتَ، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ﴾([1]).
ركعتان في جوف الليل أثقل عليك من جبل أُحُدٍ، فأعضاء يبست عن الطاعة لا تصلح إلا للقطع؛ فإن الشجرة إذا يبست لا تصلح إلا للنار، من أحب الدنيا بقلبه كبَنَّاءٍ بَنَى بِنَاءً حسنًا فوقَهُ مرحاض فرشح عليه، فلا يزال كذلك حتى يَرَى ظاهره كباطنه، ومنهم من ينقيه فلا يزال قلبه أبيض، وتنقيته بالتوبة والأذكار والندم والاستغفار.
كذلك أنتَ في حضرة الله ملوَّثٌ بمعصيتك، تأكل الحرام وتنظر إلى المحرَّم، فمن يفعل المخالفات والشهوات يظلم قلبه، فإن لم تتب في وقت الصحة فربما ابتلاك بالأمراض والمحن حتى تخرج نقيًّا من الذنوب كالثوب إذا غسل، فاصقُل مرآة قلبك بالخلوة والذكر حتى تلقى الله تعالى، وليكن ذكرًا واحدًا فتنبع لك الأنوار ولا تكن كمن يريد أن يحفر بئرًا، فيحفر ذراعًا هنا وذراعًا هنا، فلا ينبع له ماءٌ أبدًا، بل احفر في مكان واحد فينبع لك الماء.
دينك رأس مالك