يطلب الرزق بطاعة الرازق
فاعلم أنَّ باب الرزق طاعة الرازق، فكيف يطلب منه بمعصيته؟ أم كيف يستمطر فضله بسخطه أو بمخالفته، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا ينال ما عند الله بسخطه»؛ أي: لا يطلب رزقه إلا بالموافقة له، وقد قال مبينًا لذلك: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾([1]).
ولهذا المعنى قال الشيخ أبو العباس -رضي الله تعالى عنه-: في حزبه لما قال: وأعطِنَا كذا وكذا. قال: والرزق الهنيء الذي لا حجاب به في الدنيا ولا حساب، ولا سؤال ولا عقاب عليه في الآخرة، على بساط علم التوحيد والشرع، سالمين من الهوى والشهوة والطبع قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾([2])، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾([3]).
وإذا ادَّخَرَ لَكَ الباقي ومَنَّ عليك به لا يمنعك الفاني، فإن منعك ما لم يقسمه لك فما لم يقسمه لك فليس لك.
ومثال المهموم بأمرِ دنياه الغافل عن التزوُّد لأخراه كمثل إنسان فاجأه سَبْعٌ وهو يريد أن يفتَرِسَهُ، ووقع عليه ذبابة فاشتغل بذَبِّ الذُّبَابِ، ودفعه عن المتحذر من السبع، فهذا عَبْدٌ أَحْمَقُ فاقد وجود العقل، ولو كان مُتَّصِفًا بالعقل لشغله أمر الأسد وصَوْلَتُهُ وهجومه عليه عن الفكرة في الذباب، كذلك المهتم بأمر دنياه عن التزود للآخرة دلَّ ذلك منه على وجود حمقه.
أيها العبد، إياك والتدبير مع المدبِّر