المدار في الخوف من الله تعالى
ليس كل من صحب الأكابر([1]) اهتدى بصحبتهم، فلا تجعل صحبة المشايخ علة في أمنك، فمن اغتر بالله فقد عصاه؛ لأنك أمنت عقوبته كما يقول الجاهل: صحبت سيدي فلانًا ورأيت سيدي فلانًا. ويدعون دعاوى كلها كاذبة باطلة، بل كان ينبغي لهم أن تزيدهم صحبة المشايخ خوفًا ووجلًا، فقد صحب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أكثر الناس وجلًا ومخافة.
ورُبَّمَا كان الغِنَى دفعًا والفقر جمعًا؛ لأن الفَاقَةَ تحوجك أن تتضرع إلى الله تعالى، وفاقة تجمعك على الله خير من غنى يقطعك عنه.
كما أمرت أن تعرض عن المعصية أمرت أن تعرض عمَّنْ عصى وتدعو له في الغَيبة، والناس اليوم على العكس، وما عسى أن ينفعك صومك أو صلاتك، وأنت تقع في عِرْضِ أخِيكَ المسلم.
قال صلى الله عليه وسلم: «جَدِّدُوا إِيْمَانَكُمْ بقَوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»، فدَلَّ ذَلِكَ على أنَّه يحصل له غبار المعصية ودنس المخالفة، وما كل غِشٍّ يطهره الماء، بل رُبَّ غِشٍّ لا يُطَهِّرُهُ إلا النَّارُ، كالذَّهَبِ إذا كَانَ فيه الغِشُّ، فكذلك العصاة من هَذِهِ الأمة لا يَصْلُحُونَ لدُخُولِ الجَنَّةِ حتى تطهرهم النار.
لا تحسُدْ إلا عبدًا قَدْ لُفَّ في ملابس التقوى، هذا هو العيش، وما أطيب عيش المُحِبِّ مع الحبيب إذا لم يَطَّلع عليه رقيب، فإن أحب أن يَطَّلِعَ عليه رَقِيبٌ فما صَدَقَ في حُبِّهِ وكل من أحب أن يعلم أحد بحاله فقد خدع.
ولا تكن كأرباب الدنيا الذين طَلَقَّتْهُمُ الدنيا؛ بل كن من الذين طلقوها وفارقوها قبل أن تفارقهم، فمثالك إذا آثرت الدنيا على الآخرة، كمن كانت له زوجتان إحداهما عجوز خائنة، والأخرى شابة وفية، فإذا آثرت العجوز الخائنة على الشابة الوفية أفلا تكون أحمق؟!.
مثال الدنيا