الصالح لدخول الحضرة
المتنجس القدم لا يصلح للمحاضرة فكيف بمن تنجس فمه([1]).
من خان هان، قيمة اليَدِ خمسمئة دينار، فإذا هانت قطعت في ربع دينار([2]).
ومن تجرأ على صغيرة وقع في كبيرة.
اعرف كمائِنَ نفسِكَ، ولا تَثِقْ بها إذا قالت لك: تزور فلانًا؛ فربما رحلتَ إلى نارٍ تتأجج ترمي بنفسك فيها عمدًا، فإنما هذا زمان اجتماع قلَّما تجلس مجلسًا إلا وتعصي الله فيه، فكثير من السلف آثروا الجلوس في بيوتهم وتركوا صلاة الجماعة.
فإن طالبَتْكَ النفسُ بالخروج فاشغلها بالقعود في الدار بشيء من الطاعات؛ فإن الغِيبة أشدُّ من ثلاثين زَنْية في الإسلام، ولكن الكلاب لا ترقد في دار عالية الحيطان؛ بل على المزابل.
من أراد أن ينظُرَ إلى أمثلة القلوب فلينظر إلى الديار، فدار قد خربت حتى بقيت مبولة للبوَّالين، وقلبٌ كالدار العامرة، وقلب كالدار الخراب، لا تظهر شمسك حتى تعامل الله تعالى فتصدَّق كل يوم ولو بربع درهم أو بلقمة حتى يكتبك الله في ديوان المتصدقين، وصلِّ من الليل ولو ركعتين حتى يكتبك الله مع القائمين، وإياك أن تغلط وتقول: من عنده قوت يوم بيوم كيف يتصدق؟ قال تعالى: ﴿فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ﴾([3])، فمثال المسكين إذا تصدقت عليه كالمَطِيَّةِ تحمل زادك إلى الآخرة.
([2]) يشير إلى ما نظمه أبو العلاء المعري وهو البيت الذي يتعجب فيه من الفرق بين الدية لليد والقطع لها في السرقة وهو:
يدٌ بخمس مئين عسجد وديت |
* | ما بالها قطعت في ربع دينار |
فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها |
* | ذل الخيانة فافهم حكمة الباري |
قال الشربيني في «مغني المحتاج شرح المنهاج»: وهو جواب بديع مع اختصار، ومعناه أن اليد لو كانت تودى بما قطعت فيه لكثرت الجنايات على الأطراف لسهولة الغرم في مقابلتها فغلِّظ الغرم حفظًا لها، وقال ابن الجوزي لما سئل عن هذا: لما كانت أمينة كانت ثمينة، فلما خانت هانت.
([3]) من الآية [7] من سورة الطلاق وتمامها: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا﴾.
استغِثْ بالخَالِقِ إذا لَعِبَتْ بِكَ نَفْسُكَ