الآثار الظاهرة والباطنة للمعصية
واعلم أنَّ المعصية تتضمن نقضَ العهدِ (وتحليل)([1]) عقد الود، والإيثار على المولى والطاعة للهوى، وخلع جلباب الحياء، والمبارزة لله بما لا يرضى، مع ما في ذلك من:
الآثار الظاهرة: من ظهور الكدورة في الأعضاء، والجمود في العين، والكسل في الخدمة([2])، وترك الحفظ للحرمة([3])، وظهور كشف الشهوات([4])، وذهاب بهجة الطاعات.
وأما الآثار الباطنَةُ: فالقساوة في القلب ومعاندة النفس، وضيق الصدر بالشهوات، وفقدان حلاوة الطاعات، وترادف الأغيار المانعة من بروق شوارق الأنوار، واستيلاء دولة الهوى، إلى غير ذلك من ترادُف الارتِيَابِ، ونسيان المآب، وطول الحساب.
ولو لم يكن في المعصية إلا تبديل الاسم لكان كافيًا؛ فإنك إذا كنت طائعًا تُسَمَّى بالمحسن المقبل، فإذا كنت عاصيًا انتقل اسمك إلى المسيء المُعْرِض.
هذا في انتقالِ الاسم، فكيف بانتقال الأثر من تبدل حلاوة الطاعة بحلاوة المعصية، ولذاذة الخدمة بلذاذة الشهوة.
وهذا في تبدل الأثر فكيف بتبدل الوصف بعد أن كنت موصوفًا عند الله بمحاسن الصفات فيعكس الأمر؛ فتتصف عند الله بمساوئ الحالات.
وهذا في تبدُّل الوصف فكيف بتبدل المرتبة؟.
فبعد أن كنت عند الله من الصالحين صرت عنده من المفسدين، وبعد أن كنت عند الله من المتَّقِين صرت عنده من الخائنين.
([2]) الخدمة: أي ما يقوم به العباد من تقرب لربهم بالعبادة والدعوة والعمل والخير مريدين بهذا كله وجه الله تعالى.
([3]) الحفظ للحرمة: هو الأدب مع الله، وأن يتوقاه ويجعل بينه وبين محارم الله وقاية، ولا يكون كالراعي يرعى حول الحمى، فإنَّ لكل ملك حمى، ألا إنَّ حمى الله محارمه، كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم.
([4]) وهو كشف بسبب المعاصي عقوبة للمالك عليها فربما انكشفت له عورات بعض الناس واطَّلَعَ على ما يسوءه منهم.
بركة زيارَةِ قبورِ الأولياء